مذاق العشق المر بقلم سارة المصرى

موقع أيام نيوز


ان ينظر حتى الى ملامح وجهها ..هو يحبها ويريدها ولا يريد أن تفرق بينهما من الان لحظة واحدة يريد ان يأخذها الى صدره من الان فصاعدا بل أن يحبسها بداخله تحت ضلوعه فلا تملك حق الفرار منه ابدا .. 

فتحت عينيها فى تعب فقد نامت بعد أن تم حقنها بالعديد من المهدئات عبر هذا المحلول الذى يتسرب الى وريدها معاناتها مع المغص الكلوي لم تنتهى بعد فقد اخبرها الطبيب اثناء فحصه لها بالسونار ان هناك حصوة جديدة فى طريقها للتكون بعد أن انتهت مؤخرا من تفتيت حصوة قديمة تحسست جانبها فى تعب وهمت لتنهض فتفاجئت بأنامل تلامس يدها وتساعدها على الجلوس كتمت شهقتها وهي تشعر بيده تلامس ظهرها لتساعدها على الاعتدال أبعدت يدها عن يده فى توتر وهو يقترب منها قائلا فى حنان 

حمد لله ع السلامة 
اومأت برأسها تتمتم في ارتباك جلي 
الله يسلمك 
جلس على كرسى قريب منها يسألها في اهتمام 
بقيتي أحسن دلوقتى 
ردت دون أن تنظر الى عينيه 
الحمد لله 
تأملها للحظات قبل أن يميل اليها يسألها في عتاب 
ايه الكلام اللى صوفيا بتقوله ده ..انتى فعلا عاوزة تسافرى 
تنهدت فى حزن تجيبه بما يؤلمها البوح به 
ايوة ..مبقاش فيه حاجة أفضل عشانها ..بابا وخلاص راح 
ربت على كفها قائلا في رفق 
وأنا يا ايلينا 
سحبت كفها من تحت يده تتجنب تأثيره المرهق على مشاعرها 
احنا اتفقنا على الانفصال يا يوسف وانت بنفسك اللى طلبت ده ..بلاش نضحك على بعض ..لولا تعب بابا مكنش زمانك رجعت فى قراراك 
عاد يحتوى كفها بين كفيه ويضغطهما بقوة لينفي ما قالته بسؤال حمل من ذعره لفقدانها الكثير 
انتى بجد عاوزة تسافرى وتسيبيني 
لم تحاول أن تحرر كفها من يده هذه المرة ...قوة غريبة منعتها...قوة ناعمة دافئة تشعر بها تحت أنامله قوةسمحت لضعفها أن يظهر أمامه وهي تترك لدمعة فرصة في أن تسيل على وجنتها قائلة 
يوسف لو سمحت 
رفع ذقنها بسبابته ومسح دمعتها بابهامه بينما ظل محتفظا بكفها في يده الأخرى قائلا 
انا آسف يا ايلينا آسف على كل حاجة قولتها وكل حاجة كان المفروض أقولها ومقولتهاش ..آسف على كل مرة جرحتك فيها وحاولت أبعدك ..أنا محتاجلك يا ايلينا أرجوكى متبعديش عنى 
رفعت نظرها اليه بعينين دامعتين كأنها تتبين صدقه فواصل في رقة 
بابا حكالي على كل حاجة ..حكالي اد ايه انتى استحملتينى وليه عملتى ده كله عشاني 
نهض من مكانه وأفلت كفها لينظر الى الأعلى قائلا وكأنه يعلن اعتراف 
ايلينا أنا فعلا اتغيرت ..انتي غيرتيني ..بلاش تسيبي ايدي في نص الطريق ..كمليه معايا للآخر أرجوكي ..مش عاوز أتوه تاني من غيرك 
تنهد مطولا وهو يتأملها مجددا ليقول في حنان 
خدي وقتك وفكري المرة دي مفيش حد هيبقا مرغم على حاجة ..أنا بختارك ..بختار وجودك وقربك وعاوزك انتي كمان تختارينى بعقلك وقناعتك مش عاوزك تضغطي على نفسك ابدا ..خدي وقتك أنا هستناكي واقترب ليقبل أناملها فى حب واضح قبل أن يذهب ليجلس على أريكة جلدية فى احدى زوايا الغرفة وهو يخلع سترته قائلا 
الدكتور قال محتاجة تبقي تحت الملاحظة لبكرة الصبح ..فاستحملي وجودي معلش ..تصبحي على كل حاجة جميلة 
وقبل ان ترد كان قد أغمض عينيه كأنه يفرض واقع وجوده عليها غير عابىء برفضها اياه من عدمه ... 
شبح ابتسامة لاح على ثغرها وهي تفكر في كل ما أخبرها بها ولكن بعضا من الغيظ شاب سعادتها بشوائبه المقيته ليعكر صفوها فأهم شىء لم يخبرها به لم يخبرها ان كان يحبها أم مجرد احتياج فقط لقد قرأت حبه فى عينيه ولكنها كأي انثى تريد أن تسمع وتسمع ما يكفيها من كلمات العشق بكل لغات ومفردات العالم تريد ان تشعر بلمعان عينيه وارتجاف شفتيه وهو ينطقها ..تتمنى أن تعرف كيف سيستقبل قلبها اعترافه ..هل سيستقبله بدقات مماثلة لتلك الدقات التي تشعر بها دوما حين تراه ..أم أنه سينبض بطريقة أخرى تعبر عن سعادته وهيامه لاتريد ان تسلمه حياتها من قبل ان تسمعها صريحة وهي بالطبع لن تتسولها منه ولن تكون هى البادئة الا بعد أن ينطق هو أولا فلن تحتمل ذرة شك واحدة في مشاعره نحوها وقد أدرك هذا بالفعل بمجرد أن اغمض عينيه متظاهرا بالنوم ..شعر بالحنق على ذاته وأخذ يردد فى نفسه 
غبي 
لماذا لم يخبرها بأهم مافي الأمر لماذا ضن عليها بتلك الكلمة .. هؤلاء النساء لايعترفن الا بسواها عقلهن يلغي أي جملة لاتحتويها تلك الكلمة لماذا بخل عليها بها... أليست هذه الحقيقة... 
ألم يحبها وكانت هي أول انثى يدق قلبه لها پعنف... ألم يكد ان ېقتل هذا الشاب الذى كان يحملها و... فتح عينيه من جديد ونظر لها وبيد انها انتفضت من حركته المفاجئة فوضعت يدها على صدرها وهو يسألها مباشرة 
ايلينا ..ليه مكلمتنيش عن ريان 

وفي الخارج نظر محمود الى سميرة التى جلست الى جواره قائلا 
صوفيا اتأخرت اوى تحت يا سميرة 
نظرت الى ولدها زين الذى بدا عليه التوتر بدوره وقالت وهى تلوي

فمها فى انزعاج 
محدش قالها تنزل تجيب أكل لوحدها ...قال ايه عايزة تتمشى انسانة غريبة 
نهض محمود قائلا في ضيق 
البنت ضيفة عندنا يا سميرة لو جرالها حاجة نقول لايلينا ايه بس ..أنا ابتديت اقلق البنت غريبة عن البلد ممكن أي حد يضحك عليها 
شعرت بالحنق أكثر وهي تتابع ولدها ينظر الى مدخل المشفى شاردا وهو يقضم أظافره كعادته منذ الصغر ان توتر قلقه عليها كان واضحا وشعرت معه بخطۏرة تلك الصوفيا التى يزداد تعلقه بها يوما عن الأخر ...ودت لو امتلكت من الجرأة ما يكفى لتتحدث الى ايلينا بأمرها 
تنهد محمود ونادى ابنه الذى انتبه من شروده قائلا في أدب 
نعم يا بابا 
اقترب محمود مربتا على كتفه وهو يخبره 
صوفيا نزلت وقالت أنها هتجيب حاجات من السوبر ماركت ومش معقول ده كله تكون مخلصتش ...أنا خاېف يكون جرالها حاجة انزل شوفها يابنى 
حنق زين وغضبه عليها ومنها ومن تصرفاتها الحمقاء لم يستطع أن يخفيه وهو يهمس من بين أسنانه 
يعنى حد كان قالها تنزل 
قطب محمود جبينه في ضجر 
زين انا مفياش حيل اناهد انزل شوفها 
ولم يكن زين بحاجة الى أمر أبيه ليفعل كان سيتحرك دون أن يطلب منه ذلك فهو رغم غيظه وحنقه منها الا أن قلقه عليها يزداد وهو يتخيل تعرضها لأي خطړ فهي فى النهاية وقبل أي شىء حبيبته ... لم يعد له حيلة فى الخروج من دوامة مشاعره نحوها فقد فقد السيطرة تماما وخرج الأمر برمته عن قوة أي ارادة لديه يكره شعور القلق الذى ينتابه وهو يتخيلها لاتعبأ به تماما يتمنى لو تمكن من رقبتها فخنقها بيده كما خنقته وأوقفت انفاسه وهى بين ذراعي هذا الشاب صباحا ذهب الى المتجر القريب وتفاجىء بما لم يكن فى الحسبان... 
هذه الفتاة ستفقده عقله وتوازنه لاريب في ذلك رآها تهبط من سيارة ليهبط قائدها ويصافحها فى ود قبل أن يذهب وهي تلوح له هنا بلغ غضبه وغيرته درجة لاجيمكن احتمالها أو حپسها أبدا هل كاد ېموت قلقا بينما هي تقضي وقتا مع آخر لاتعرفه حتى هل كانت بتلك الوقاحة وهو لا يعرف انطلق تجاهها كصاروخ يعرف هدفه جيدا لينفجر بها وما ان لمحته حتى ابتسمت قائلة 
زين انا 
لم يمهلها فرصة لتنطق اذ أطبق على ذراعها فى قسۏة وهو يهتف غاضبا 
انت ايه بالظبط ...انتى ايه ...انتى ازاى مقرفة كدة ... 
فغرت فاها وشهقت فى صدمة وهى لاتعرف عما يتحدث وبما يعنى بوصفها بهذا اللفظ فواصل وهو يضغط على ذراعها اكثر 
الصبح ألاقيكي في حضڼ واحد ودلوقتي نازلة من عربية واحد تاني ...كنتي بتعملي ايه معاه ...ميفرقش معاكي المهم أي واحد وخلاص ...طبعا ماهو أصلا محدش عرف يربيكي ولا يعلمك الأدب 
سالت دموعها فجأة ودون مقدمات ..سالت بغزارة وهي تحملق به و تسمع كلماته اللاذعة التى آلمتها لانها خرجت منه هو بالذات... 
لمح بعينيها نظرة قهر وانكسار وهى تحاول ان تفلت ذراعها من قبضته القوية فأرخى يده لتقول فى الم وبصوت متقطع 
ريان يبقى عمي على فكرة ...ولما كنت فى السوبر ماركت في ست اغمي عليها وأنا طلبت الاسعاف وروحت معاها المستشفى عشان ست كبيرة ومعهاش حد ولما ابنها جه أصر أنه يوصلني عشان أنا مكنتش أعرف أرجع لوحدي 
واضافت وهى تنظر له فى خيبة أمل ولوم 
فى أي اټهامات أو تجريح تانى 
تنهد فى عمق وهو يترك ذراعها ويطرق برأسه أرضا .. ماالذي فعله مالذي تفوه به 
لماذا لم يسألها فحسب... لماذا فقد تعقله ووضعها في قفص اټهامات نسج خياله وحده قضبانها من شكوك ليس لها أساس لحظة غيرة أفقدته كل عقله أفاق على حركتها وهي تنسحب من امامه فحاول ان يوقفها قائلا 
صوفيا أرجوكي استني 
نظرت له في انكسار وكأنها تخبره أن أملها خاب فيه لم يكن أمامه سوى أن يتركها ريثما يرتب افكاره هو الآخر ويعرف كيف سيصلح ماأفسده... 
ليعرف كيف سينتقي حبه من كلمات ما يمكنه أن يمحو ما انتقاه غضبه وغيرته من أكثرها قسۏة .. 
استرجع ما تفوه به من جديد ومعه عادت نظرتها الکسيرة تحاصره فهتف في أعماقه في حزن 
غبي يا زين ...غبي 

وضعت ايلينا علبة الدواء الخاصة بها في نظام على المنضدة بعد أن تناولت جرعتها المعتادة الذي وصفها لها الطبيب بعد خروجها من المشفى كانت تفكر في أمر يوسف وما يجب عليها أن تفعل فقد تعافت تقريبا وتستطيع السفر من الان .. 
ولكن هي لمست التغيير الذي طرأ عليه وفي الوقت ذاته تخشى أن يكون مجرد تغيير مؤقت من أجلها نعم هي تحبه ولكن هل يكفي الحب وحده وقفت أمام المرآة ترتب شعرها الغجرى المموج حين سمعت دقات على الباب نظرت الى هاتف صوفيا على المنضدة وابتسمت فى تهكم لابد انها عادت بعد دقيقة من خروجها لأنها نسيته متى تتوقف تلك الفتاة عن نسيان أشيائها فى كل مكان حملت الهاتف وهي تحتفظ بابتسامتها وتعد كلمات السخرية على ثغرها كالمعتاد فتحت الباب وهى تتأهب للحديث فبقى ثغرها مفتوحا بل اتسع اكثر واكثر فى ذهول وهى ترى يوسف يقف أمامها وهو بدوره تسمر فى مكانه محاولا ان يخفى انفعاله وانبهاره بجمالها الأخاذ فلأول مرة يراها بدون حجابها وبملابس عادية شعرها كان غجري مثير يمتد الى نهاية ظهرها
 

تم نسخ الرابط