دمية مطرزة بالحب بقلم ياسمين عادل

موقع أيام نيوز

ينظر إليها بحبور اجتلاه حتى رآها تقف عند الباب فترك الشاي و 
واقفة كده ليه أدخلي
دخلت ملك وهي تتأمل المكان ثم جلست على أحد مقاعد المائدة البعيدة عنه ف قطب جبينه مندهشا وسألها 
خير!! خاېفة تقعدي قريب مني ولا حاجه
ف نفت وجود الفكرة برأسها و 
لأ
أشار نحو الطعام و 
قربي عشان تفطري ياملك
نهضت ملك عن جلستها وجلست بالمقعد المجاور له تحديدا وضع أمامها بعض الأصناف التي خمن إنها تحبها ثم أردف أثناء ذلك 
انتي اتطلقتي ليه
رفعت بصرها فجأة نحوه وهي تحدق فيه ف لم يتراجع هو عن النظر المتعمق بداخل عيناها المخيم عليها الحزن حتى أجفلت هي وسحبت قطعة من الخبز وضعت عليها قطعة من الجبن الأبيض ثم نهضت عن مكانها وخرجت بدون أن تتفوه بكلمة واحدة تركها بدون أن يضغط عليها ولكن تصرفها المتجاهل ذلك أثار انزعاجه المكتوم أكثر نظر نحو الجريدة التي لم يلحق كي يريها إياها ثم عاد يرتشف الشاي الخاص به وهو يفكر قليلا 
قضمت ملك قضمة واحدة من الخبز كانت تلوكها بين فكيها ببطء والدموع تنسال من طرفيها ابتلعتها وكأنها تبتلع قطعة من حجر مسحت دموعها وسارت نحو المطبخ المكان الوحيد الذي تعرف طريقه رمت ما بقى من الطعام الذي لم تتناوله في سلة المهملات ثم خرجت 
ترك يزيد زجاجة المياه الصغيرة وهو ينظر لشقيقه بتمعن كي يصل لتخمين يمكنه من معرفة رد فعله ولكنه لم يستطع فسأله مباشرة 
هتعمل إيه يايونس
فأجاب مباشرة وبدون تفكير 
ملك لازم تعرف عمي لو ماټ في أي وقت وهي متعرفش مش هتسامحنا
ف لم يهتم يزيد بأمرها كثيرا و عبر عن ذلك بصراحة مطلقة 
أنا ميهمنيش ملك تعرف ولا لأ اللي يهمني إنها تضغط عليه عشان يوافق يتعالج ده السبب اللي خلاني أفكر نبلغها
كان يزيد يجلس برفقته وسط مربع محاط بالكلأ ويطل على أسطبل الخيل خاصته عينا يونس أغلب الوقت على خيوله التي تنتمي أغلبها لفصائل نادرة أشاح بوجهه عنهم لحظة ينظر لأخيه و 
مهما كان السر اللي تعرفه ومخبيه عني ده مش سبب يخليك بالجحود ده البنت ملهاش حد غير أبوها
ف لمح يزيد بعدما رأى بعينه دفاعه عنها وحمايته لها حتى وإن كانت غائبة 
معتقدش! أنت كمان بقيت موجود
تنغض جبينه عاقدا لحاجبيه المستطران ثم أردف كأنه لم يفهم 
يعني
ف رفع يزيد عيناه عنه كي لا يواجهه و 
ولا حاجه أقصد إنك مش هتسيبها لوحدها في نص الطريق
رن هاتفه الموضوع أمامه وبدون أن يلتقطه كانت عيناه تقرأ هوية المتصل أطبق جفونه وكشر وجهه وهو يهمس ب انزعاج 
إزاي نسيتها
ف خمن يزيد 
دي نينة اللي بتتصل
أومأ يونس برأسه وهو يجيب عليها لانت نبرته وكأنه يستعطفها ويعتذر عن غياب الفترة الماضية و 
ألو أنا آسف سامحيني والله مقصدتش أغيب كل ده عنك
وكأنها كانت توبخه صوتها العالي كان ظاهرا حينها صمت يونس وهو يستمع لصوت صياحها فيه ثم أردف ب 
والله هاجي حقك عليا
ثم نظر ل يزيد الذي حدق فيه وأشار له كي لا يأتي بسيرته ولكن يونس قام بتوريطه هو الآخر و 
من عنيا هجيب يزيد معايا حاضر
ف نفخ يزيد ونهض عن مكانه سار ب اتجاه الأسطبل وعندما رأى ريحان تقف ابتسم ودخل إليها كي يداعبها قليلا لحظات وكان يونس يقف بالخارج ويهتف ب 
حضر نفسك نينة مستنياك تيجي معايا
ف أطبق جفونه وهو يهمس بينه وبين حاله 
هتقعد تديني كلام في جنابي لحد ما اقول يا بس أنا عارفها مش بترتاح غير لما تهزقني
حرص الشقيقين على تناول الغداء معا قبيل عودة يزيد إلى القاهرة حيث أشرف مهدي بنفسه على الطباخ الذي أعد أفضل الأصناف اللاتي يحباها كلاهما ووضع الطعام بنفسه على المائدة مضيفا 
وبعدها خليتها تقعد في الأوضة التانية اللي جمب أوضتها لحد ما نتصرف
تسلم يامهدي
بدأ يزيد بالحساء أولا وقال أثناء تناول الطعام 
هتنزل أمتى يايونس
بكرة نازل بكرة ضروري وهعدي على المجموعة في طريقي
وقبل أن يتابعا حوارهم كان صوت مهدي يظهر وهو يقول 
تعالي يابنتي انتي مكسوفة ولا إيه!
وأدخل ملك كانت تضم شعرها القصير المبتل للوراء تاركه بعض الشعيرات تنسدل على الجانبين رد لها لون بشرتها الطبيعي وحاولت أن تتناسى ما حدث في سبيل حياة جديدة تنشدها دلفت وجلست بجوار يونس في المكان الذي جلست به بالصباح 
رفعت بصرها نحوه لهنيهه فوجدته مهتم بطعامه ولم ينظر حتى نحوها بينما لاحظ يزيد هذا الفتور من كلاهما كأنهن متخاصمين ضاقت نظراته وهو ينظر للحساء ثم رفع بصره يسأل مهدي 
هو الطباخ اللي هنا بيعرف يعمل مكرونة بشاميل
فأجاب مهدي على الفور 
آه طبعا
وكأنه اشتاق لتناولها مرة أخرى بعدما حفر مذاقها في حواسه ف قال متحمسا
طب خليه يعملي وهاخدها معايا وانا ماشي
من عنيا
تركت ملك الملعقة التي لم تتناول بها حتى الآن ثم أردفت 
أنا عايزة أروح لبابا
توقف يونس عن تناول الطعام ولم ينظر نحوها وهو يجيب 
لأ
ارتفع جاجبيها بذهول متفاجئة من رده كانت تتوقع إنه سيبلبي رغبتها على الفور ولكنها صدمت برأيه وتسائلت حول السبب 
ليه لأ
ف نظر نحوها و 
عشان انا عايز كده
كانت تعابير الإندهاش والذهول تخيم على وجه يزيد الذي لم يصدق رفضه ولكنه التزم الصمت وهو يراها راكدة بلا حيلة هكذا نظرت للطعام كأنها تدبر جملة مفيدة ثم عادت تنظر له وهو يتناول الطعام بدون اهتمام لها وأردفت 
على الأقل أتصل بيه أعرف أنا ليه هنا وهفضل قد إيه!
ف نظر لها بفتور ضايقها و 
تؤ مش هتكلميه هتسأليني ليه وهقولك عشان أنا قررت ده
تشنجت وهي تنهض عن جلستها وقبيل أن تهم للخروج استوقفها مناديا بنبرة حازمة 
ملك!
التفتت برأسها نحوه فسألها بأسلوب فج 
أنتي ليه مبتقوليش لأ
أسبلت ولم ترد ف وقف عن جلسته واستند بذراعيه على المائدة وهو يعيد صياغة سؤاله بشكل أكثر بساطة 
ليه مش بتعترضي وتتمسكي ب اعتراضك!
ليه معتبرة نفسك ديكور جميل يحركه ويشكله صاحبه زي ما هو عايز!! ليه ملكيش رأي
ثم غمز وهو يذكرها 
حتى الدكتور إياه طلعتي منفذة كل خططه بالحذافير
ارتفع حاجبي يزيد ف هو يعرف بأصل الأمر منذ البداية من خلال ما سرده إبراهيم وتحولت نظراته المدهوشة لأخرى متفاجئة حينما قبض يونس بقبضته القوية على ذراعها وهو يجتذبها ويصيح فيها 
أنتي فين شخصيتك فين ولسانك فين!
ثم هزها من جديد بينما هي تنتفض غير متوقعة كل ذلك منه وكأنها ما زالت في صدمة 
قولي لأ هروح وأشوف بابا ڠصب عنك قولي لأ
نهض يزيد ووضع يده على كتف يونس يحاول أن يجعله يتراجع و 
مش كده يايونس إيه اللي جرالك فجأة!!
دفع ذراع أخيه ولم يأبه له وهو يكرر فعلته بصوت هادر ارتعش له صدغه 
بقولك قولي لأ
ف كررت بصوت مرتفع قليلا 
لأ
وكأنه لم يكتفي بها 
بصوت أعلى
فصړخت في وجهه وهي تدفع ذراعه عنه بأقصى قوة لديها 
لأ
تدخل يزيد من جديد محاولا الفكاك بينهم خاصة وأن ملك قد تبكي في أي وقت أو تتابع صياح وصړاخ لن يقوى أيهم على صده 
ما خلاص يايونس الله!
ف الټفت إليه يبرر تصرفه ضدها 
لازم تتعلم لازم تواجه مش تهرب لازم تعترض وتقول لأ هي مش عروسة لعبة في أيد أي حد
وفجأة استمع كلاهما لصوت اصتكاك وتكسير وتهشيم حيث سحبت ملك مفرش المائدة بكل ما عليه من أطباق وصحون وكؤوس ووقع كله أرضا محدثا فوضى وأصوات مرتفعة انتبه كلاهما لها ولنظراتها المغتاظة التي شملت كلاهما قبيل أن تنظر ل يونس تحديدا وتسأله بصوت ممشوج بالصياح 
كده كويس !
تنفس قليلا وأجاب 
مش بطال
ف حدجته بتحد وقالت 
أنا عايزة أروح لبابا
بكرة الصبح ه 
قاطعته كما كان يفعل هو دائما وأردفت برفض قاطع 
لأ النهاردة
وكأنه هكذا انتصر في أن يدرسها أولى دروس الحياة التي ستتعلمها وعلى الفور أجاب 
أطلعي غيري هدومك
ف التفتت لتغادر في حين جلس يونس وهو ينظر لما أفسدته ولم يسلم من توبيخ يزيد له 
إيه اللي عملته ده!! انت اللي بتعلمها التمرد أنا مش مصدق!
وماله خليها تتمرد
ورفع بصره نحو شقيقه و 
أحسن ١٠٠ مرة من إنها تخذل نفسها بنفسها
ثم عاد يرخي كتفيه و 
أنا كده مرتاح
وصول القاهرة استغرق منهم بالضبط ساعتين وبضع دقائق ولكن الوصول إلى منزل إبراهيم كان صعبا في ظل الزحام المروري ولكن في النهاية وصل بها 
ترجل يونس عن السيارة أمام المبنى العتيق نظر حوله قبل أن يفتح لها الباب حيث كانت العيون عليهم لسبب غير معلوم هبطت ملك عن السيارة ورمقته بنظرات ساخطة وهي تقول بتبرم 
انت ليه محسسني إنك البودي جارد بتاعي!
ارتفع أحد حاجبيه قبل أن يقترب منها بوجهه قائلا 
أنا!! يونس ابن حسن الجبالي!! يبقى الحارس بتاعك انتي يابنت إبراهيم الجبالي!
وكأنها تعلمت الدرس جيدا ف لم تتوانى في إثبات إنها تلميذة جيدة تتعلم بسرعة وقالت 
أنت أصلا متطولش توصل للمكانة دي
ف ابتسم وهو يعود لوضعيته الطبيعية و 
لأ شاطرة عجبني الرد الحقيقة
أنتوا هتفضلوا واقفين كده كتير ولا إيه!
قالها يزيد بعدما صف سيارته بالجانب الآخر وهبط عنها ثم استبقهم وصعد وهم من خلفه 
طرق على الباب رغم إن بحوذته نسخة أخرى من المفاتيح ولكنه أراد أن يفتح عمه بنفسه 
فتح إبراهيم الباب وانبعج فمه وهو يستقبله 
أهلا يابني تعالى
يونس معايا ياعمي
وكأنه لم يقدر على إضافة شئ آخر ف فتح إبراهيم الباب على مصرعيه وهو يستقبلهم بحفاوة 
يا ألف أهلا وسهلا تعالو ياولاد أدخلوا نصيبكم تتعشوا معايا
دلف يزيد وهو يحمحم وينظر ل يونس الذي دخل في أعقابه لم ينطق كلاهما دخول ملك من الباب نطق بدلا عنهما ليظل إبراهيم محدقا للحظات حن ورق قلبه كأنه ارتوى بعد ظمأ طويل تعقدت أنفاسه المضطربة وكأن صدره لم يتحمل سعادته برؤيتها بينما كانت هي في حيرة هل تسعد لأنها تراه أن تعابته لما هي به بسببه وبتعليمات مشددة منه!
أحنت بصرها قبيل أن تردف بصوت خاڤت 
أزيك يابابا
فتح ذراعيه لها ف خطت ببطء نحوه حتى انتشلها وضمھا بعطف أبوي مستسلما لمشاعره الأبوية الجارفة التي تتوق لعناقها حتى
تم نسخ الرابط