دمية مطرزة بالحب بقلم ياسمين عادل
عمي
تغيرت تعابير وجهها على الفور ومدت يدها تتناول كأس العصير بدون أن ترد.. ف عاد يقول
فكري ياملك عمي محتاجك
فقالت بنبرة أحس فيها العناد مع نفسها
من فضلك متفتحش معايا الموضوع ده تاني
سحب يونس نفس طويل من سيجارته وهو يفكر هل يخبرها بمرضه أم لا.. وإن علمت بعد ذلك ماذا سيكون رد فعلها وإن شاءت الأقدار وتوفته المنية قبل أن تراه! ماذا ستفعل!.. ماذا سيفعل هو إن كان الملام أمامها.
يونس
نظر نحوها ف تابعت
أنت اللي كسرت لمحمد دراعه!!
فلم يكن مقنعا كفاية بالنسبة لها وهو ېكذب
أنا!.. لأ
ف مالت نحوه قليلا وهي تسأله ب تشكك
يونس!!
آخر ما بقى من سيجارته قذفه من الشرفة وقبل أن يتفوه بكلمة كان يستمع لصياح كاريمان بالأسفل
نهض على الفور ونظر لها من الأعلى وعبر عن أسفه فورا
آسف يانينة نسيت
ضړبت كاريمان الأرض بعصاها وهي تصيح فيه
نسيت يعني إيه! لسه فيك العادة دي ياولد!!
فتسائلت ملك بعدم فهم كونها لم تنتبه لما فعل
عادة إيه! إيه اللي حصل
ف دخل يونس و
نسيت وحدفت عقب السېجارة من هنا
وخرج كي ينزل إليها.. وقفت ملك مستندة على عصاها لتنظر إليهم ف ابتسمت لها الجدة و
فأومأت وهي تبادلها الإبتسامة و
آه يانينة
عبست كاريمان من جديد حينما رأته يقترب منها و
الله يكون في عون مهدي أكيد لسه بيلم السجاير من وراك
ف انحنى ليحملها عن الأرض و
مش بالظبط
وانتصب في وقفته ليهمس لها
تعالي هزقيني جوا بلاش هنا عشان الهوا شديد عليكي
لكزته على كلمته الأخيرة و
ف ساير حديثها و
حاضر
مشت نحو الداخل وهي تحذره
لو اتكررت مرة تانية مش هعديها Anladım فهمت
Evet نعم
عادت ملك تجلس ببطء وهي تضحك بهدوء.. حياتها ستتغير تغيرا جذريا بعد معايشتها لتلك الجدة الجميلة التي لم تراها من قبل حتى بين مجسدي الأدوار في السينما.. إنها طراز مختلف تماما.
ملك! بتعملي إيه
انتفضت بعدما تفاجئت بوجوده و
خضيتني!
أخذها من يدها وهو يحدجها بغرابة و
عايزة تدخني!! ملقيتيش غير العادة المهببة دي عشان تاخديها مني
ف نفت حديثه و
لأ أنا خدت منك حاجات كتير غيرها
نظر إليها ب إعجاب لما قالت ثم نظر للسېجارة قبل أن يقذفها من جديد و
قومي ارتاحي جوا
شهقت وهي تنظر للأسفل و
ها!! أنت حدفتها تاني
انتبه لما فعل ف أسرع يساعدها كي تنهض من مكانها و
قومي بسرعة عشان أدخلك قبل ما أنزل آخدها
استندت عليه وقبل أن تقول شيئا كانت كاريمان تنادي بصوت مرتفع
يونس!
.........................................................................
مر الليل بصعوبة عليه لم ينم يونس حتى أصبح الصباح.. من ناحية لم يستطع النوم إلا بعد الإطمئنان على وصول يزيد ل مدينة الجونة وناحية أخرى لم يرتاح في فراش لم يعتاد عليه.. خاصة بعدما قام بترك غرفته ل ملك تقيم فيها منذ أن أحضرها إلى هنا.
أشرقت الشمس ف غفى أسفل شعاعها الخفيف الغير مؤذي ساعة من الزمن استيقظ بعدها كي يستعد هو الآخر للسفر.
هبط للأسفل حيث ينتظره عيسى.. ناوله الكيس القماشي المغلف وأردف
دي البدلة الجديدة اللي جات من عند مستر چورچ لسيادتك مخصوص
تناولها منه وهو يسأل
أتأكدت إنها نفس اللون اللي طلبته
آه هو
ثم ناوله صحيفة اليوم وهو يبشره
جلسة الدكتور إياه نص الشهر المحامي أكد إنه هياخد حد أدنى خمس سنين أو سبعة
ف أفتر ثغره ببسمة لم تصل لطرفي عينيه و
عظيم
تنهد عيسى قبل أن يوصيه بجدية
ملك هتكون تحت عينك ٢٤ ساعة ياعيسى تبقى زيك زي ضلها بالظبط
حاضر
وشعر بالضيق وهو يتابع
عمي كمان يوميا تروحله المستشفى تطمن عليه وتبلغني أخباره.. أنا مش هغيب غير كام يوم عايز أرجع تكون كل حاجه زي ما سيبتها
أومأ عيسى مؤكدا على تفهمه
متقلقش ياباشا
ف ربت يونس على كتفه وهو يثني على اجتهاده
مش قلقان خالص وانا سايبك ورايا
ثم صعد كي ينهي ارتداء ملابسه ويذهب للمطار من بعد ذلك.. مسألة سفره لم تروق له البتة ولكنه لا يستطيع ترك شقيقه بعد أن تأمل فيه واستند عليه.
وقف يونس أمام المرآه وهو يغلق أزرار قميصه الأبيض ثم انتقل ل ارتداء السترة السكرية الفاتحة عليه.. كان راضيا للغاية عن هيئته خاصة بعد أن ضبط رابطة العنق البنية الفاتحة على عنقه وأنهى ذلك بدبابيس الأكمام الفضية الأنيقة المنقوشة ب حرف Y.. نثر من عطره بغزارة ووضع ساعة اليد الضخمة في يسراه ثم مسح على شعره الممشط بتنسيق جذاب وسحب هاتفه والصحيفة ل يخرج من بعد ذلك.
أنحرف يمينا كي يزور غرفتها قبيل أن يسافر ويغيب عنها لأيام ومجرد أن رفع يده ليطرق على الباب كان ينفتح قبيل ذلك.. ابتسمت ملك فور رؤيته و
صباح الخير
ف بادلها الإبتسامة و
صباح النور
تنحت جانبا كي يدلف فسألها وهو يخطو للداخل
دراعك أحسن النهاردة
وضعت كفها على يدها وهي تجيبه
الحمد لله
انتبهت ل أناقته التي جذبت إعجابها من أول نظرة أنبهرت به حقا حيث تراه لأول مرة بدون ملابس قاتمة أو سوداء.. تبين الإعجاب في نظراتها وهي تقول بدون تفكير
أنت حلو أوي النهاردة
ارتفع حاجبيه وهو يحدق فيها غير متوقع إطراء گهذا منها.. ودب الدفء يضخ سخونته في بشړة وجهه وجسمه حيث شعر بالحرارة فجأة من فرط استحياءه أجفل بصره بينما عاتبت هي نفسها بنفسها وهي تردف
آ.. آسفه مقصدش أصل أول مرة أشوفك لابس بدلة كاملة بجرافته ولونها بيج فاتح
ف ابتسم بالرغم من محاولاته في إخفاء بهجته من رأيها في طلته.. وتعجل في قول ما جاء لأجله كي ينصرف قبيل أن تفضحه انفعالاته
أنا هسافر كام يوم زي ما قولتلك امبارح هكلمك اطمن عليكي وانتي خلي بالك من نفسك
هزت رأسها بالإيجاب ف ناولها الصحيفة و
الجرنال فيه خبر يهمك أبقي شوفيه
تناولته بتوتر مرتبك كي تغطي على ما قالته ف تراجع
بخطواته للخلف ومازالت عيناه تختلس النظر ل خجلها حتى خرج وأقفل الباب.. فعاتبت نفسها وهي تفتح الجريدة موبخة حالها
إيه اللي انا قولته ده!! غبية ياملك!
زفر يونس وهو يتحسس وجهه المنبعث منه سخونة ثم نظر لهيئته وضبط سترته وهو ينصرف من أمام الغرفة مغمغما
هبقى أشوف الموضوع ده بعدين
فتح له عيسى باب السيارة الأمامي وقبل أن يستقر في مقعده كان يستمع لصوتها وهي تنادي
يونس!
رفع بصره نحوه حيث كانت تقف في الشرفة فلوحت له تودعه وأشارت نحو الصحيفة تعلن إنها علمت الخبر.. ابتسمت ابتسامة واسعة ممتنة ف أومأ برأسه قبل أن يرتدي نظارة الشمس القاتمة ويجلس في مكانه.
دلفت ملك وهي تتعرج على ساقها وراحت تنظر للصحيفة من جديد لتشبع عيناها برؤية هادي وهو بين حشد من العساكر الذين يسوقونه وهو مكبل بالأغلال.. ضحكت بسعادة شديدة وضمت الصحيفة لصدرها إنها على حافة منعطف تاريخي منعطف خال من كل من آذوها وتسببوا في جراح روحها س تزهر بعد انطفاءه ظنت إنها لن تنير مجددا.
...........................................................................
ترك يونس بعض التوصيات الهامة والتعليمات المشددة في المجموعة قبيل أن يسافر.. لم يعلن عن سفره أو سفر يزيد قط.. بل أدعى إدعاءات أخرى بعيدة تمام البعد عن المبتغى الأساسي كي لا يلفت الإنتباه حول ما يقومون به.
خرج يونس من غرفة مكتب يزيد ومن خلفه سيف يتحدث إليه بحزم گعادته
ورقمي معاك لو حصل حاجه تبلغني فورا
تمام
الټفت إليه يونس وهو يسأله مقطب الجبين
معتصم فين
مجاش النهاردة تقريبا مدام رغدة هي اللي في مكتبها
قوس شفتيه وكأنه انزعج و
خسارة كان نفسي اتسلى معاه شوية.. خليها لما ارجع بقى.. عشان تبقى التسلية الكبيرة
وأنهى حديثه ب ابتسامة ساخرة أعقبها ب انصرافه.. خرج من البوابة الرئيسية قاصدا سيارته لم ينتبه لذلك الغريب الذي مر من جواره منذ لحظات ودلف للبهو العريض بالشركة.. استقر يونس بمقعده وهو يوجه عيسى
يلا بينا على المستشفى أشوف عمي قبل ما نروح المطار
تمام
دلف ربيع وهو ينظر حوله ب انبهار من ذاك المكان العريق والذي لم يراه في حياته سوى خلف شاشات التلفاز.. انتبهت موظفة الإستقبال له ف أشارت نحوه وهي تنادي
ياأستاذ يا أستاذ!
الټفت إليها وخطى نحوها بينما تسائلت هي بحزم
حضرتك رايح فين!
ف ابتسم ربيع ملء شدقيه وهو يجيب
أنا عايز أقابل يونس الجبالي وحياتك ياعسل تقوليلي أدخله منين
ف تضايقت الموظفة من أسلوبه الركيك ونظرت نحو البوابة وهي تردف
حضرتك دخلت إزاي من البوابة هو موظف الأمن مش واقف
ف تطلع إليها بنظرات سخيفة و هو يرد عليها بنفس لهجته
أنتي شيفاني إيه قدامك! متسول ولا حرامي!
وطرق على اللوح الزجاجي الذي يحجب بينها وبينه وتابع
أنا قريبه وجاي أشوفه قوليله بس من غير ما ترغي كتير.. هو هيعرفني لوحده
رفعت الموظفة سماعة الهاتف وبدأت تتواصل مع أحدهم و
في واحد هنا عايز مستر يونس
أبعدت الهاتف عن أذنها وهي تسأله
حضرتك قولتلي مين
ف تشدق قائلا
قوليله ربيع..