للعشق وجوه كثيرة نورهان العشرى
المحتويات
بها
فرت دمعه حارة من عينيها بعدما ذرفت أنهارا البارحه فمسحتها بطرف يدها و قررت بأن هذا هو قدرها و بأن الحزن قد رسخ جزوره في قلبها و بات انفصاله عنها أمرا مستحيلا
أيقظها من حزنها دخول كارما الغرفه بابتسامتها الخلابه و حنانها المعهود فما أن اقتربت منها حتى عانقتها مقبلة مقدمة رأسها قائله بحنو
اجابتها غرام بوهن
الحمد لله
نمتي كويس
اجابتها بأسى
منمتش خالص
كارما بحزن على حالها
و بعدين يا غرام هتفضلي معذبه نفسك كدا كتير
غرام بتعب تبلور في عينيها و لون تقاسيم وجهها
و أنا في إيدي ايه يا كارما إذا كان العڈاب انكتب عليا !
كارما بتشجيع
تنهدت غرام قائلة بحزن
عندك حق
هبت كارما من مكانها وهي تقول بحماس
اتفضلي قومي اغسلي وشك و تلت دقائق و الاقيك لابسه و متشيكه عشان خارجين ورانا مشوار مهم
قطبت غرام ما بين عينيها قائله
مشوار ايه يا كارما اللي الساعه سبعة الصبح دا !
لا حاجه يا ستي عزماكي ع الفطار و هنلفلف شويه تغيري مود النكد دا و لا عايزة ماما تصحي تلاقيك عامله كدا
تاففت غرام و قالت بملل
كارما مش قادرة انا هنام شويه اخرجي انت
كارما بصرامة
مفيش الكلام دا قومي يالا و إلا هصحيلك ماما تتفاهم معاك
انهت كارما حديثها و هي تجذب غرام من فوق السرير لتدخلها إلى الحمام عنوة وسط تذمرها و لكنها قد عقدت العزم عن الترفيه عنها قليلا و عدم تركها للحزن والمعاناة
فتوجهت غرام تجاهها و حادثتها بنفاذ صبر
بصي هي الخروجه دي بايظه من أولها اصلا تعالي نطلع مش طالبه مرمطه و هدت حيل عالصبح
همت كارما بالرد عليها و لكنها تفاجئت بسيارة سوداء تقف بالقرب منهما ليترجل منها رجال ملثمين قاموا بتكبيل كارما و محاولة إختطافها و من ثم وضعوا منديل مخدر على أنفها لتقع مغشيا عليها بينما غرام تحاول الدفاع عن شقيقتها فإشتبكت مع إحداهما حتى أنها استطاعت أن تكشف الغطاء عن وجهه لتجحظ عيناها من الصدمة فنهره أحد الرجال الآخرين الذي قال في عجل
ليقوم الآخر بتنفيذ أوامره و إستغلال صډمتها ليكممها بذلك المنديل المخدر لتفقد وعيها في الحال ثم انطلقت السيارة إلى مكان مجهووول ووووووووو
اعظم انتصار قد يحققه الإنسان في
حياته هو تجاوز أشخاص كانوا كالادمان بالنسبه له
نورهان العشري
كان علي يلملم أغراضه إستعدادا للعودة إلى المنزل عقب إنتهاء نبطشيته فاستوقفه رنين هاتفه فوجد المتصل مازن فأجابه بمرح كعادته
شاطره مازن المزاح قائلا
يا عم تف من بقك دي أشكال احلم بيها بردو !
أومال متصل بيا الساعه تمانيه الصبح ليه يا خفيف
مازن بتهكم
والله لولا الحوجه ما كنت هتصل عليك ولا عبرتك بس يالا لأجل الورد يتسقي العليق
اجاب علي بوعيد
ورد ! اممممم قلتلي طب ايه رايك بقى انك مش هطول الورد دا و لا هتشم ريحته ولا حتى في حلمك
اندفع مازن بلهفة
حبيبي يا علوة دانا بهزر معاك والله انت بقيت قفوش ليه كدا حبيبك انا
قهقه علي قائلا بتشفي
ايوا كدا اتعدل بدل ما أعدلك يا بتاع الورد انت
مقبوله منك يا أبو نسب طب بخصوص الورد بقى وردتي حبيبتي أخبارها ايه برن عليها فونها مقفول فاضطريت ارن عليك عشان اطمن عليها
أجابه علي بجهل
معرفش انا كان عندي نبطشية و لسه هروح اهوة حتى غرام تليفونها مقفول بردو
قاطع حديثهم ذلك الشاب في عمر المراهقة الذي كان يهرول قادما تجاه علي و هو يصيح
يا علي بيه يا علي بيه الحجني يا علي بيه
في ايه يا سيد
تحدث الشاب سيد لاهثا و هو ابن البواب الخاص ببنايتهم
الست كارما و الست غرام كانوا خارجين من شويه و لقيت ناس راكبين عربيه سودا نزلوا خطڤوهم و ركبوهم العربيه و مشيوا
ذعر علي من حديث ذلك الشاب فصاح بانفعال
أنت بتقول ايه ناس مين دول و عملوا ايه في اخواتي
سيد لاهثا
ناس مغطيين وشهم و شدوا الست كارما و الست غرام و ركبوهم العربيه بالعافيه بعد ما حطوا حاجه على مناخيرهم دوختهم و أنا أول ما شوفت كده طلعت اجري اخبط على باب الشقه بتاعتكوا محدش رد قومت نازل جري على هنا عشان ابلغك
انخلع قلب ذلك الذي كان على الهاتف فصړخ قائلا بهلع
ايه اللي انا سمعته دا يا علي كارما جرالها ايه
أجابه علي الذي بهتت ملامحه و لوهله شعر بالضياع
مش عارف يا مازن سيد بيقول شاف ناس ملثمين بيخطفوا كارما و غرام و بيركبوهم عربيه ڠصب عنهم
شعر مازن بقبضه قويه تعتصر قلبه حتى أن أنفاسه أوشكت عن الانقطاع و
سقط الهاتف من يده فلم يلمح ذلك الذي دخل غرفته و هو يقول صائحا بحماس
مازن انا عرفت هصالح غرام ازاي
صدم أدهم و تبدلت ملامحه من الحماس إلى الخۏف و هو يشاهد حاله مازن المزرية بدموعه المتساقطة علي خديه و نظراته الضائعه فدنا منه بخطوات سلحفيه و سأله بتمهل خوفا من إجابته
مالك يا مازن في ايه
اجابه مازن بلهجة مرتعبه
كارما و غرام اتخطفوا
إن لم تكن وطني فلماذا أشعر بالغربه كلما ابتعدت عنك
نورهان العشري
أخذت كاميليا تنظر إلى هذا الملاك النائم بجانب روفان في مخدعها منكمشا على نفسه
و كأنه يشعر بمدى برودة هذا القصر حتى في منتصف آب لتقوم بتمرير يدها على ملامحه الجميله فهي
تشعر نحوه
بنوع من الألفة لم تعهدها من قبل و لكنها رجحت ذلك لتشابه ظروف كلا منهما لمثل هذا الموقف عند رحيل والديها فكل ما كانت تحتاجه حينها هو عناق يبثها الدفء و الطمأنينة إلى أوصالها و الحقيقه بأن يوسف كان ذلك الصدر الحنون الذي امتص جميع أحزانها و حاول مداواة چروحها و كان دائما الحصن المنيع الذي احتمت به من شرور هذا العالم
أخرجها من شرودها تململ الصغير بين يديها تمهيدا لاستيقاظه لترسم ابتسامه عذبه على وجهها قائلة بحنان
صباح السكر على أحلى زين في الدنيا
أجابها الصغير بخجل بعد أن استيقظ تماما
ثباح الخيل
ها بقى يا بطل قولي نمت كويس
الحمد لله
قالها الصغير بحزن ارتجف له قلب كاميليا
ايه يا حبيبي مالك زعلان ليه
ممتي كانت دايما تثألني الثؤال دا لما اصحى من النوم
شعرت كاميليا بوخزات الحزن تنغز في قلبها و تساقط الحزن من بين عينيها تأثرا و شفقه على ذلك الصغير
مش احنا قولنا أن ماما سافرت عند ربنا و أنها في مكان جميل اوي دلوقتي
زم شفتيه الجميلتين يحاول منع نفسه من البكاء فجاءت كلماته متقطعه حين قال
بس انا عايزها وحستني اوي
كاميليا بحنو
بص هنتفق اتفاق بما ان انا ممتي كمان عند ربنا فهقولك انا بعمل ايه لما توحشني لما ماما توحشك اوي بص السما و قول ربنا يرحمك يا ماما و بعدين اقعد احكيلها و اتكلم معاها هي سمعاك و شيفاك و حاسه بيك
زين بلهفة
بجد يا كامي يعني مامي سمعاني و شيفاني دلوقتي
بجد يا روح كامي و تقدر تقولها كل اللي نفسك فيه
هب الطفل ملهوفا من مخدعه وهو يقول
طب اوعي كدا بقي
توجه للشرفه و قال ببراءة وهو يلوح بيديه ناظرا نحو السماء
مامي ربنا يرحمك وحستيني انا عايز اقولك اني جيت مع بابي في قصر كبير اوي و فيه ناس كتير شكلهم يخوف و بيزعقوا و سكلهم مس بيحبوني بس كامي و روفي بيحبوني و بيلعبوا معايا متخافيس عليا انا راجل زي ما كنتي بتقوليلي و مس هعيط
عاندته العبرات و تناثرت على وجنتيه الجميلتين قبل أن يتابع بحزن
انت وحستيني اوي يا مامي و نفسي احضنك مرة واحده بس عسان انت سافرتي من غير ما اعلف و ملحقتس احضنك
انفطر قلب كاميليا لمشهد ذلك الطفل و الذي جسد معاناتها عند رحيل والديها فقد كانت تأتي ليالي تتمني لو أنها استطاعت أن تعانق والديها و لو لمرة واحده قبل رحيلهم فأخذت العبرات تنهمر بغزارة على وجنتيها دون أن يكون لها القدرة على إيقافها لتتفاجأ بتلك اليدان التي احتوتها من الخلف فعرفت هوية صاحبهما على الفور فألقت برأسها إلى الخلف ليحتوي كتفه ۏجعها فلطالما كان هو حصنها المنيع الذي تتكئ عليه في كل حروبها و أزماتها
أشار يوسف بعينيه لروفان التي استيقظت و شاهدت ما يحدث فترقرقت العبرات في مقلتيها حزنا علي هذان اليتيمان إلي أن أشار إليها يوسف بأن تأخذ الصغير إلى الخارج حتي لا يرى حالة الاڼهيار التي تعيشها حبيبته فما إن خرجت روفان بصحبة الطفل حتى تحدثت كاميليا قائله بنبرة تتضور ۏجعا
انا حاسه بيه أوي انا شفت
اللي هو شافه دا و جربت اللي هو جربه
شهقه مټألمة انبعثت من جوفها قبل أن تتابع بلهجة مشجبة
انا وقفت زيه كدا بالظبط و اتمنيت نفس الامنيه دي كان نفسي بس في حضڼ منهم قبل ما يسبوني و يمشوا كنت عايزة اشم ريحتهم لآخر مرة
تعانق الألم بالحرمان في قلبها فانسابت الحروف مذبوحة من بين شفتاها
انا عايشه الۏجع دا لحد دلوقتي و لسه نفس الامنيه دي جوايا يا يوسف مهما عدت السنين هفضل اتمناها هفضل أتمناها لحد ما اروح لهم
تعاظم أنينها وهي تنعي أمنية كانت ولازالت مستحيلة
عارف لما تبقي أمنيتك الوحيدة في الحياة مستحيله و انت عارف دا بس مش قادر تبطل تتمناها
فما أسوأ الرحيل الذي يأتي بغتة دون أن يترك لك الوقت واخد أخير فتظل واقفا عند هذه اللحظة عمرا بأكمله تردد عبارة ياليت الزمان يعود يوما
قالت كلمتها الأخيرة تزامنا مع سقوطها بين يديه ليقوم باحتوائها و إدارتها لتكون في مواجهته و هو هامسا پقهر نابع من قلة حيلته
ياريت لو كنت اقدر ارجع الزمن لورا ياريت لو اقدر احققلك أمنيتك دي
صمت لثوان قبل لن يضيف بلوعة حاړقة
ياريت لو اقدر أشيل الحزن اللي جواك دا كله واحطه في قلبي و متتألميش لحظة واحدة يا كاميليا
تمسكت به كاميليا بكل ما أوتيت من ضعف بينما توسلته شفاهها قائلة
خليك جنبي ارجوك خليك جنبي يا يوسف انت
الحاجه الوحيده اللي بتخفف ۏجعي و بتهون عليا كل حاجه
أجابها يوسف بلهجة تقطر عشقا
انا جنبك ڠصب عنك جمبك لآخر يوم في عمري
وعمرك يا كاميليا مش هسيبك أبدا مش عمري ما اعرف ابعد عنك عشان أنا معنديش حياه من غيرك حياتي بدأت لما دخلتيها
شددت من تشبسها به مع تلك الرجفة
متابعة القراءة