منقذي الزائف بقلم بتول على
المحتويات
ما يفكر ولو لمرة واحدة في العيش والملح اللي كان بينكم!!
ظهر الحزن على ملامح أحمد الذي تحدث بنبرة مقهورة
أنا نفسي اټصدمت أول ما هبة قالت أنه أداها تسجيلات تثبت عليا أني فعلا فضحتها عشان أنتقم منها.
حكت أماني مقدمة رأسها وضغطت بكفها الأيسر على مسند الأريكة قائلة بضيق
طبعا لازم تتصدم لأن بعد كل اللي عملته عشانه راح خانك واتعاون مع مالك ضدك عشان يخلصوا منك بس أنا مش شايفة أن ده تصرف غريب منه لأنه اتغير خالص بعد ما اتصاحب على الشلة إياها واللي كانوا سبب في انحراف أفكاره وحياته كلها.
المفروض دلوقتي تكلم محمد ابن خالتك عشان يشوف صرفة تقدر من خلالها توصل ليحيى لأنه اختفى من فترة ومحدش عارف عنه أي حاجة.
اتصل أحمد بابن خالته وأخبره بكل ما جرى في حديثه مع هبة وأنه اكتشف حقيقة أن يحيى كان متواطئا مع مالك في تلك اللعبة القڈرة التي تم تدبيرها للإطاحة به من حياة هبة.
به
تمام يا أحمد سيبني أنا أتصرف وأحاول أشوف يحيى ده راح فين داهية وأوعدك أن على بكرة هكون وصلتله ومش هسيبه غير لما أخليه يعترف بكل حاجة في محضر رسمي لأن اعترافه ده هيكون أصلا دليل على براءتك.
هتف أحمد بامتنان يشكر به شهامة ابن خالته الذي قرر أن يدعمه على الرغم من انشغاله بعلاج ظهره وساقيه فهو لا يزال حتى الآن يعاني من تبعات الإصابة التي تعرض لها بسبب شظايا القنبلة التي اڼفجرت وهو في إحدى المهمات وقد أجبرته تلك الإصابات التي تلقاها على الابتعاد عن مجال الشرطة إلى الأبد
أنهى أحمد المكالمة وذهب إلى غرفته حتى ينال قسطا من الراحة وهو على يقين أنه عندما يستيقظ في الغد سوف يتلقى اتصال من محمد وسوف يخبره أنه قد وصل ليحيى.
مالك يا عمرو سرحان في إيه
قالتها مروة مستغربة شرود زوجها منذ عودته من الخارج حيث يبدو من ملامحه أنه قد حدث شيء مهم جعل تفكيره منشغل إلى هذه الدرجة.
مفيش أي حاجة يا مروة اطمني ومټخافيش وأهم حاجة اوعي تنسي أن عندك ميعاد بكرة عند الدكتورة.
ابتسمت مروة بسبب اهتمام زوجها وحرصه عليها قائلة
تلاشت ابتسامتها بشكل تدريجي وهي تتحسس بطنها وسألته باهتمام
قولي يا عمرو إحنا هنفضل نخبي لحد إمتى موضوع الحمل الوقت بيمر وبطني بدأت تكبر وأنا بقيت بداريها بالعبايات الواسعة أوي بس بعد ما يمر شهر كمان ساعتها الكل هيعرف أني حامل لأني هكون ساعتها دخلت في الرابع.
متقلقيش يا حبيبتي لو اللي في بالي طلع صح ساعتها هنكون خلصنا من آية وارتحنا منها.
وجهت نظراتها المتعجبة نحوه وضيقت عينيها هامسة بضيق
أه منك يا عمرو لو بس تفهمني أنت بتفكر في إيه بدل ما أنت عمال تتكلم بالألغاز ساعتها هرتاح وهبطل أشغل دماغي كل شوية بحكاية حملي اللي مخبياه عن كل الناس حتى عن أمي.
ابتسم عمرو وتحدث بنبرة مشاغبة بعدما طبع قبلة على جبينها
متشغليش بالك اعتبري أن اللي في دماغي دي مفاجأة أنا بجهزها عشان أفرحك بس مستني لما أظبطها الأول.
نهضت مروة هاتفة بحنق وهي تتوجه نحو المطبخ
أنا لو فضلت أتحايل عليك من هنا لحد بكرة عشان تقولي مش هتقول حاجة وهتفضل تاكل بعقلي حلاوة وعشان كده يستحسن أن أنا أقوم أروح أعمل حاجة مفيدة وأخلص اللي ورايا بدل قعدتي جنبك اللي مفيش منها أي فايدة.
رفع عمرو حاجبيه وأشار
نحو نفسه هاتفا باستنكار وهو يبتسم
بقى أنا قعدتي معاك ملهاش لازمة!! ده أنت طلعت فعلا نكدية ومش وش نعمة و...
لم يتمكن من إكمال جملته بسبب الوسادة التي ألقتها مروة على وجهه ونظرات التحذير التي صوبها نحوه كانت كفيلة بجعله يلتزم الصمت ولا يتفوه بأي حرف.
دقت الساعة التاسعة صباحا في اللحظة التي قررت بها هبة أن تتصل بآية وتخبرها أنها لن تجعل توفيق يترافع عن قضيتها وسوف تقوم بتوكيل محامي أخر حتى يتولى القضية.
أنهت هبة المكالمة وتوجهت نحو المطبخ حتى تعد الفطور ثم جلست تتناول الطعام في هدوء وهي تستمع إلى آيات الذكر الحكيم التي يتم ترتيلها بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي على إذاعة القرآن الكريم.
انتهت هبة من تناول الطعام وقبل أن تحمل الأطباق جاءها اتصال من مالك الذي علم بقرارها من شقيقته وعبر عن ضيقه بقوله
إيه اللي أنت عملتيه ده يا هبة! مفيش محامي هيقدر يقف في وش صلاح حسين غير توفيق النمر وعشان كده لازم تخليه يمسك قضيتك.
احتدت نظرات هبة من تصرف مالك الذي أجج شكوكها قائلة بحزم
أنا قررت خلاص يا مالك ومش هرجع في قراري توفيق مش هينفع يمسك القضية لأنه واحد معندوش ضمير ولا مبادئ وأنا مش بحب أتعامل مع الناس اللي زيه.
حاول مالك أن يجعلها تتراجع عن هذا القرار الذي أطاح بكل ما كان يفكر به فهو قد ظن أنه استطاع إقناعها بالأمس ولكن يبدو أن حواره معها قد أتى بنتائج عكسية
طيب حاولي تفكري تاني في الموضوع وبلاش تتسرعي.
هتفت هبة بحدة تنهي بها الجدال الذي تراه بلا فائدة
أنا أخدت القرار ده بعد ما صليت صلاة استخارة وحسيت بالراحة وأكيد مفيش أي حد هيدبر ليا أموري أحسن من ربنا ولا أنت إيه رأيك يا مالك في الكلام ده
هتفه مالك بضيق لم يتمكن من إخفائه
براحتك يا هبة اعملي كل اللي أنت عايزاه.
أنهى مالك المكالمة وهو يلعن هذا الحظ الذي لم يحالفه وأخذ يفكر في طريقة أخرى تمكنه من التخلص من أحمد بعدما فشل
في فعل هذا الأمر مرتين الأولى عندما دبر لأحمد الحاډث الذي كاد يقضي على حياته والثانية عندما حاول أن يقنع هبة بقبول فكرة توفيق.
رائحة نتنة انتشرت في الأجواء وأزعجت الناس الذين يسكنون في البنايات المجاورة للبناية التي تصدر منها تلك الرائحة.
هتفت إحدى السيدات وهي تشعر بالتأفف
إيه القرف ده يا ستار يا رب واضح كده أن فيه قطة أو كلب ماټ وعفن جوة البيت ده.
وافقتها سيدة أخرى في الرأي قائلة
عندك حق يا أم لمياء الريحة فظيعة أوي ولا تطاق ولازم الشباب يدخلوا البيت ويشوفوا فيه إيه بالظبط طالما صاحب البيت مش بيرد على اتصالاتهم.
تمتمت أم لمياء بضيق وهي تمرر كفها الأيمن على حجابها
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم أنا مش عارفة بجد إيه الناس دي يعني هو يروح يسافر ويسيب لينا القرف ده وكمان مطنش التليفونات ومش بيرد المفروض فعلا الشباب يدخلوا البيت ويشوفوا إيه سبب الريحة دي ولما البيه يرجع من سفره ميبقاش يزعل بقى ويتخانق معانا.
وبالفعل توجه الشباب نحو المنزل حتى يفتشوا عن مصدر تلك الرائحة الكريهة ولكن أوقفهم رجل مسن قائلا بنبرة جادة
استنوا عندكم يا شباب كلنا عارفين أن الزفت صاحب البيت لما يرجع ويعرف أننا دخلنا بيته من غير إذنه هيعمل مشكلة كبيرة وإحنا مش
ظلت مشاعر الڠضب مسيطرة على مالك بسبب قرار هبة الذي أصابه بإحباط كبير وجعله يتساءل بينه وبين نفسه إذا كانت هبة قد حسمت أمرها وقررت أنها لن تجعل توفيق يهتم بقضيتها فلماذا طلبت منه في الأمس أن يلتقي بها حتى تأخذ مشورته!
هل يعقل أن يكون قد سقط مثل الأبلة في فخ نصبته هبة باحترافية شديدة جعلته لا ينتبه لتلك الحيلة إلا بعد فوات الأوان!
قبل أن يفكر عقله في إجابة لهذا السؤال أتاه اتصال من شخص يدعى خميس فزفر بضيق وأجاب على هذه المكالمة بصوت جهوري أظهر شدة غضبه
جرى إيه يا زفت هو أنت كل شوية تتصل بيا عايز مني إيه الساعة دي
احتدت نبرة خميس بسبب الأسلوب السيء الذي يتحدث به مالك معه وكأنه عبد اشتراه بمال والده
اتعدل كده وأنت بتتكلم معايا بدل ما هوريك الوش التاني ومش معني أني ساكتلك يبقى تسوء فيها يا جدع أنت.
صاح مالك بنفاذ صبر بعدما زفر بحنق فهو يشعر بغيظ شديد بسبب تصرف هبة ولا ينقصه في هذه اللحظة سماع صوت خميس
اخلص يا خميس وقول عايز إيه بدل ما أقفل السكة في وشك.
سمع صوت خميس الغاضب وهو يقول
عايز فلوسي اللي لحد دلوقتي مش أخدتها منك وإلا هخرب بيتك وهدمرك.
رفع مالك حاجبيه هاتفا بتهكم ناتج عن ثقته التامة بعدم قدرة خميس على إيذائه
فلوس إيه اللي عايزها أنا قولتلك تموته بس هو لسة عايش لحد دلوقتي وده معناه أنك ملكش عندي جنيه واحد.
ضحك مالك مسترسلا باستهزاء شديد من ټهديد خميس الذي سيكون مصيره السچن إذا تفوه بأي كلمة تتعلق بحاډث أحمد أمام أحد
اعمل كل اللي نفسك فيه وأعلى ما في خيلك اركبه يا شاطر فهمني كده أنت هتعمل إيه مثلا هتروح تقول أنك أنت اللي خبطت أحمد باللوري بتاعتك وكنت عايز تموته عشان أنا طلبت منك تعمل كده مقابل شوية فلوس مش هتنفعك لما تترمي في السچن!
هتف خميس بغيظ وهو يكور يده ضاغطا بشدة على الهاتف
يعني ده يبقى أخر كلام عندك
وكانت إجابة مالك هي أنه أغلق الخط في وجهه دون أن يكترث لتهديده لأنه لا يوجد
شخص عاقل منقولا إلى منطقتهم من مدة قصيرة ولا يعرف أي شيء عن أحوالهم
حيلك علينا يا حضرة الظابط واعرف الحكاية الأول وبعدين عاتبنا الأستاذ يحيى كان على طول بيعمل مشاكل مع أهل المنطقة لأنه كان نسوانجي وبيعاكس البنات هنا في الحارة والخلافات بينه وبين الناس كانت أحيانا بتوصل للقسم بس الأمور كانت بتتحل بعد ما كان الأهالي بيعملوا قعدة رجالة عشان سمعة المنطقة.
هتف الضابط بهدوء بعدما تفهم الوضع وأدرك سبب عدم اهتمامهم بجارهم الشاب وقلة سؤالهم عنه بشكل دوري مثلما يفعلون مع بعضهم البعض
أومأت أم لمياء مسترسلة في الحديث شارحة بعض التفاصيل المتعلقة بحياة يحيى حتى تتضح الصورة بشكل كامل أمام الضابط
أيوة يا باشا ومش بس كده ده من بجاحته راح جاب واحدة من إياهم على البيت هنا وقال أنا حر ومحدش له دعوة بيا بس الناس وقفتله ووقتها هو اضطر يمشي البنت دي وعشان كده
متابعة القراءة