وبها متيم انا

موقع أيام نيوز


ما يدور بعقلها لتزيدها توترا وخوف اشاحت بوجهها عنه عله يمل ويبتعد بنظره هو الاخر ولكنه فاجئها بقوله
حاولي تستجيبي مع الدكتورة يا نور عشان خاطري على الاقل .
قالها وانتفض ناهضا أمام عينيها يردف
انا رايح اراجع على بعض الملفات اهو استغل الوقت بدل القعدة. 
ابتلعت ريقها تتابع خروجه بأسف وتأثر لحالته يؤلمها الحزن في عينيه يؤلمها ان يظل متوقفا عن تقدمه في انتظارها وهي لا رجاء منها تعلم بذلك بل تكاد تكون متأكدة.

عاد أمين صباحا بعد أن انتهى من ورديته الليلية في القسم ليفاجأ بشبح احد الأشخاص جالسا بالشرفة التي تتوسط الصالة تقدم بخطواته وقد عرفه من ظهره
صباح الخير يا ابو علي.
رفع رأسه الأخير يجيبه بجمود
صباح الخير.
استند امين على إطار مدخل الشرفة يخاطبه
مش بعادة يعني تصحى بدري 
بصوت مخټنق
انا منمتش اساسا حاولت كتير لكن مفيش فايدة 
زفر امين ليترك محله متناولا الكرسي الأخر كي يجلس بجوار شقيقه وامامهم أصايص الزهور التي تزرعها والدتهم عبقت الأجواء بالروائح الزكية كما ساهمت الألوان المختلفة لها مع الخضرة لتخلق مشهدا يسر العين ويشرح القلب ولكن هذا في وقت آخر ليس الان والرأس مشغولة بما يقلقها.
تطلع أمين نحوهم ونحو شقيقه الواجم ليربت بكفه الكبيرة على ركبته بدعم قائلا
بتحصل كتير يا ابو علي بتحصل كتير دا انا احيانا بقعد باليومين مطبق حتى ولو كنت كان طالعان عيني في الشغل.
ليه بتفكر انتي كمان
سأله حسن بقصد تبسم له شقيقه قائلا بمشاكسة
قصدك يعني بحب زيك
برقت عيني حسن بحدة ليقول بانفعال
انا قولت اني بحب انا بقول تفكير هو انت دماغك دي دايما تحدف شمال. 
اطلق أمين ضحكة مدوية ليقول بمرح
يا عم الحج بقولك حب ايه جاب الحب الطاهر اللي هو فطرة ربنا للشمال ايه يا ابو علي ما تركز كدة.
عبس الاخير ليشيح بوجهه عنه بضيق صامتا ليتأمله أمين قليلا باستمتاع هذه اول مرة يجده على هذه الحالة حالة الشرود المحببة للعشق حسن الواقعي المحافظ بمعنى أصح كان لا يعترف بالمشاعر ولا التأثر حتى بالافلام الرومانسية حسن الغاضب الان ذو القلب الأخضر يقع اخيرا وتحرقه ڼار اللوعة على المحبوب.
نهض فجأة يبتاغته بقبلة فوق رأسه قائلا
اطمن ان شاءالله هتكون بخير . 
انتفض حسن يسأله
مين دي اللي هتكون بخير انت بتتكلم عن مين
اطلق أمين ضحكة رنانة أخرى ليقول ساخرا وهو يترك الشرفة
قطة الجيران قصدي على قطة الجيران يا بشمهندس يا حيران.
اكمل ضاحكا وهو يغادر ليغمغم حسن خلفه بالكلمات الحانقة قبل أن تفاجأه مجيدة بظهورها أمامه فجأة بحجاب الصلاة الكبير ونظارة القراءة على عينيها بعد أن انهت وردها من قراءة القرآن لتخاطبه بابتسامة
غلس عليك الواد ده زي عادته عامل فيها جامد الباشا لكن اطمن يا حبيبي قريب اوي هتفرح فيه. 
فكر قليلا في العبارة قبل أن يرد بإنكار واضح ليدعي عدم الفهم
افرح فيه ليه هو انتي كمان هتتكلمي بالالغاز يا ماما
فجأة تبدلت ملامحها من ابتسامة شاردة لشراسة پغضب وعقبت بغيظ ضارب بكفها فوق الأخرى المستندة على بطنها
احنا برضو اللي بنتكلم بالالغاز ولا انت البعيد اللي عاملي فيها من بنها وانت اساسا مفضوح .
تمتم مجفلا بأعين توسعت بذهول
انا مفضوح يا ماما!
اه مفضوح واتنيل على عينك بقى واسكت عشان انا اتعصبت منك ومن خلقتك اللي أصطبحت بيها دي على أول الصبح جاتك القرف ماشية وسايبهالك وانت بقى خليك في استهبالك ده.
بصقت كلماتها وما ان همت لتستدير إلا وقد وجدته يوقفها ممسكا بمرفقها يستجديها بعينيه قائلا
مش هستهبل يا ماما بس انا قلقان عليها ونفسي اطمن. 
تبسمت بحنان الأم تضمه إليها لتقبل وجنته قائلة
ان شاءالله ربنا هيطمن قلبك عليها كلنا بتيجي علينا اوقات بنضعف فيها ونقع كمان ورغم ان مش كل الناس بتقدر تقف من تاني لكن انا بقولهالك اهو شهد قوية وهتقوم.
تسير هائمة تسير واجمة لا تعرف إلى أين وجهتها تخطو بقدميها داخل شوراع ومناطق لا تعرفها ولكنها ليست بغريبة عنها أو دخلتها قبل ذلك ولا تتذكر تابعت في السير حتى توقفت أمام المبنى الغير مكتمل ولكنه كان كخلية نحل بالبشر التي تعمل على إكماله وقعت عينيها عليه لقد عرفته من ظهره واقفا بطوله المهيب يشرف على العمال كعادته بجلبابه البلدي الذي يظهر بقوة عرض منكبيه انه هو المثال الأوحد للرجولة الكاملة في نظرها اسرعت بخطواتها حتى تصل اليه فاجئها بأن التف إليها بابتسامة انارت وجهه الخشن الأسمر الجميل ليبدوا كالقمر بضيائه لقد اشتاقت إليه بشدة اشتاقت إليه پألم ألم قبض على قلبها بلوعة وهي تتمتم بعدم تصديق
أبويا انت جيت يا بويا
ظل بابتسامته الساحرة حتى اقتربت منه وهي على وشك البكاء لاهثة تردد
يعني انت عايش مامتش إنت عايش وشغال اهو طب كنت فين ومبتسألش ليه يعني ليه يا بويا دا انت واحشني أوي وانا محتاجالك اوي أكتر من أي وقت انت ساكت ليه ما ترد عليا وكلمني.
لم يجيبها بل أشار بعيناه نحو ما يزين رسغها نظرت إلى ما يشير إليه لترفع يدها قائلة بلهفة
دا الإنسيال بتاعك عمري ما قلعته من ايدي دا اللى جيبتهولي في أول يوم دخلت فيه الجامعة لما كنت فرحان اني بحقق حلمك 
انا دلوقتي بلمسه وقت الخۏف عشان استمد منه الأمان في غيابك عني دا هديتك اللي احافظ عليها بعمري. 
فاجئها بأن تناول كفها وقام بلف واحد اخر تطلعت إلى الجديد بلمعته الزاهية تقول بابتهاج يغمرها وهي تتفحصه باهتمام
دي هديتك الجديدة ليا يا بابا وفيه قلب هو كمان زي القديم لكن.... أمال فين الكلمة اللي معاها فين أبوها عشان تبقى قلب ابوها
قالت الأخيرة لترفع عينيها إليه فوجدته تبدل لشخص آخر ولكن بنفس ابتسامة أبيها شهقت بهلع مرددة إسمه
حسن!
انتفضت مستقيظة بإجفال .جعلها تفتح عينيها بتوسع لتطالع المكان حولها في الغرفة التي ليست غرفتها ولكنها ليست بغريبة عنها تتأرجح مقلتيها يمينا ويسارا في طريق استعادت وعيها. وكأنها عادت إلى الحياة مرة أخرى هتفت رؤى بفرح وهي تلقي بنفسها عليها
أخيرا صحيتي حبيبتي حمد الله ع السلامة يا قمر.
تلقت شهد قبلات شقيقتها بحالة من التيه لتتمتم سائلة
يعني انا كنت نايمة
كنتي نايمة! دا أنت بقالك يومين يا شهد موقعة قلوبنا من الخۏف عليكي قومي الله يخليكي قومي عشان مترجعيش للنوم تاني. 
قالت الأخيرة وهي تنهضها عن الفراش لتجلس بجذعها غمغمت شهد بضيق وقد بدأت تدرك بما تعلمه مسبقا عن حالتها
براحة شوية يا رؤى انا راسي لسة تقيلة...... دا غير اني خلاص فوقت مش محتاجة مساعدتك يعني .
تبسمت رؤى بفرح لعودة شقيقتها إليها بڠضبها وحنقها انفاعلها وعصبيتها المهم أنها قد عادت عادت إليها. 
نهضت فجأة تقول بلهفة
انا هروح افرح لينا وطنت أنيسة دول على اعصابهم والله.
اومأت لها شهد برأسها بتفهم وقد استعادت ذاكرتها كل ما سبق غفوة نومها الثقيل ورغبتها ان تبتعد عن المنزل ومصدر الضغط عليها ثم هذا الحلم
 

تم نسخ الرابط