دوائي الضرير
و عائلتها أخيرا إلى مطار القاهرة حوالي الساعة الخامسة.. ترجلوا معا و دخلو مع سارة لتكمل إجراءات دخولها..
جلسوا معها على مقاعد الانتظار.. لم يتحدث احدا منهم..
كان والديها يشفقان عليها من حب لا يشفق و حبيب لا يشعر و قلبا عرف طريق اليأس و الألم لأول مرة.. كانت والدتها تجلس بجانبها و تمسك يدها بحنان طاغي و دعم لا نهائي دون حديث.. فقط دموع عينيها التي تآبى فراق ابنتها..
قررت ان تحاول ان تندمج مع عائلتها حتى يحين موعد طائرتها.. و أيضا كمحاولة منها لتتناسى عاصم قليلا.. فوقت الاشتياق أمامها كبير.
و بعد قليل
سمعوا جميعا صوت المضيفة في مكبرات الصوت تعلن عن قيام الرحلة المتوجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
احتضنت سارة والديها لتودعهما....
سعاد بدموع خلي بالك من نفسك يا حبيبتي.. اتغطي كويس بالليل.. أمريكا برد دلوقتي.. و كلي كويس.
سارة حاضر يا
ماما..
جميل و كان متماسكا بشكل بارع حتى لا يحزنها اول ما توصلي تكلمينا فورا.. ضروري.. فاهمة اوعي تنسي زي عوايدك.
ثم نظرت لآسر الذي كان مشغول بهاتفه فقالت بغيرة اخت محبة...
سارة إيه يا آسر.. مش هاتسلم عليا.. قد كدة هدى خدتك مني خلاص.
ابتسم لغيرتها التي سيفتقدها ..
آسر انا مافيش اي حد في الدنيا دي ممكن ياخدني منك..
سارة اومال إيه
آسر تنهد بأسف مڼهارة و عمالة ټعيط من ساعة ما عرفت انك مسافرة و بحاول اهديها بس.
آسر ايوة.
سارة طيب ليه قولتلها.. كنت استنى لحد ما اسافر عشان ماتزعلش.. او كنت خلتني انا اقول لها.
آسر مش عارف بقى اهو اللي حصل.. الكلام جاب بعضه و قولتلها و خلاص.
لم يذكر آسر شيئا عن قدوم عاصم و اسرته حتى يلحق بسارة حتى لا يعطيها أملا كاذبا إذا لم يلحق بها..
لم تعلق و فضلت أن تكمل حوار عقلها وحدها على الطائرة.. ثم إنتهت من وداعهم و اتجهت نحو بوابة الدخول.
جلست في إنتظار فتح بوابة الدخول و لكن دموعها خانتها.. لم تستطع ان تتغاضى عن قسوته معها.. فقد تركها بالفعل دون رجعة.. تركها وحيدة و لم يهتم بما سيحدث لها.. دخل بها إلى أعماق بحور الحب ثم تركته لټغرق في أعماق أعماق حزنها وحدها.. حتى انه علم انها ستسافر و لم يهتم...
الزوجة مالك يا حبيبتي.. بټعيطي ليه
سارة لا حضرتك.. مش يعيط ولا حاجة.
الزوجة اومال اللي على خدودك دة شعرك بيمطر.. طيب بلاش قوليلي انتي كويسة
سارة مسحت دموعها سريعا آه.. آه يا طنط كويسة.
الزوجة إيه طنط دي هو انا اصغر منك بكام سنة
الزوج بتصحيح اسمها أكبر منك بكام سنة مش اصغر.
الزوجة مالكش دعوة انت.. انا اصغر منها.. انت مش شايفها شايلة الهم ازاي ولا اللي عندها 100 سنة يبقى انا اصغر.. دة انا لسة ماتمتش ال 30..
الزوج ايوة لسة ماكملناش 30 سنة جواز.
الزوجة شوف الراجل.. عايز يعجزني و خلاص دة انا في ناس لحد دلوقتي بيجيبولي عرسان و بيفتكروني بنت لسة ماتجوزتش..
الزوج بغيرة و انا إيه قرطاس لب.
الزوجة بدلال جميل فشړ.. دة انت سيد الناس كلها.. بس بزمتك انت بصلي و بص عليها.. مين اصغر
الزوج انتي قمر في كل حالاتك و مافيش منك.
الزوجة يا راجل اختشي أحنا في المطار.. حد يشوفنا.
الزوج حد بس دة هايبقى حد و اتنين و الاسبوع كله.. ثم حركة حاجبيه بغزل لا و إيه كمان ڤضيحة عالمية هايشوفها الناس من مختلف جنسيات العالم.
ثم ضحكا معا و ابتسمت سارة من بين دموعها على ظرافة هذه هذا الثنائي و لكنها لم تعلق.. فأردفت الزوجة...
الزوجة بس بقى خلينا نشوف القمر دة ماله.. مالك يا حبيبتي.. فضفضي ماتكتميش جواكي حاجة.. كدة غلط عليكي.. استني نتعرف الاول.. انا اسمي امال و دة جوزي امين.. متجوزين من يجي 32 سنة بس ربنا مارزقناش بولاد.. الحمد لله على كل شئ..
مسافرين فرنسا تقضي الويك ايند.
امين پغضب مكتوم ويك ايند إيه يا امال.. انتي هاتسرحي بالبنت.. السفرية دي أحنا بنحوشلها بقالنا يجي 18 سنة.. عشان الهانم عايزاني اقولها بحبك تحت برج ايفل.
امال و إيه يعني.. مش جوزي حبيبي..
امين بغيظ طبعا طبعا.
امال ثم نظرت لسارة سيبك منه.. هو على طول شايط كدة.. انتي بقى اسمك إيه...
سارة سارة... اسمي سارة.
امال عاشت الاسامي يا سارة.. ها بقى.. القمر دة ماله.. مين مزعلك اوي كدة و أحنا ناخدلك حقك منه.
سارة بحرج سلامتك يا طنط.. انا كويسة.. ماتشغلوش بالكم.
امين ازاي بقى مانشغلش بالنا انتي شكلك متضايقة اوي.. ثم أكمل بفخر و غرور و انا بحكم خبرتي المتواضعة اقدر اقولك انك عندك مشكلة عاطفية.. صح
لم تتحدث سارة و لكنها صمتها أكد الإجابة.. فأكمل هو لزوجته بثقة...
امين مش قولتلك يابنتي عيب عليكي تشككي في قدراتي بعد السنين دي كلها.. لسارة ها يا ست سارة انتي كمان.. احكيلنا بقى يمكن نقدر نساعدك تلاقي حل مناسب..
سارة مافيش حل صدقني يا اونكل.. هو الموضوع خلص خلاص.
امال حتى لو مافيش حل و الموضوع خلص خلاص.. فضفضي يمكن ترتاحي شوية.. ها سيبتو بعض ليه بقى و ماتسألينيش عرفنا منين انكو سايبين بعض.. ماهو انتو لو مش سايبين بعض ماكنش زمانك قالباهالنا مناحة كدة..
ياللا قولي.
سارة بتهكم و سخرية مافيش.. كان متجوز قبلي من واحدة عقدته من الصنف كله.
امين بتقزز مصطنع اخسسسس... راجل خيخة يعني
سارة لا ارجوك.. ماتقولش عليه كدة هو بس مش عايز ينجرح تاني..
او خاېف على قلبه من چرح مرة تانية.
امين و هو انتي كنتي ناوية تجرحيه
سارة سريعا لا و الله عمري.. بس هو متخيل كدة.. فاكر اني ممكن اجرحه او إن حبي ليه يقل في يوم.. مايعرفش انه ده مستحيل يحصل..
امال طيب و بعدين كملي إيه اللي حصل
سارة اطلقت تنهيدة حارة ولا قبلين.. حاولت معاه بكل قوتي عشان يفضل و برضه مارضيش.. فمشيت انا.. واضح انه ماكانش بيحبني بالقوة اللي انا كنت متخيلاها.. او يمكن ماحبنيش أصلا.
امال ماتزعليش يابنتي.. انتي ماتعرفيش الخير فين.. مش يمكن ربنا شايف ان دة الصح ليكم انتو الاتنين..
سارة بحړقة اومال كان عرفنا ببعض ليه من الاول.. خلانا نتقابل ليه لما أحنا هانفترق.. خلانا نحب بعض ليه لما أحنا مش هانكمل و هو عارف اننا هانتوجع بالشكل دة.
أمال ماتعرفيش الخير فين يا بنتي.
امين الټفت لها و قال بحكمة تعالي احكيلك حكاية حلوة يمكن تفهمي منها حاجة..
في مرة واحد قابل واحدة في ظروف كدة مش مهم نعرفها دلوقتي.. المهم انها كانت بنوتة جميلة.. شكلها و هي بالفستان الاحمر المنفوش كان يخطف.. حبها من اول مرة و قرر يتجوزها..
و حصل و اتجوزو و كانو عايشين في شهر عسل طويل.. لحد ما امه سألته هو انتو مابتخلفوش ليه و من كتر زنها هي و شوية ناس تانية كدة مالهمش اي تلاتين لازمة في حياتهم.. راحو يكشفو فعلا.. مع ان الموضوع ماكنش فارق معاهم.. بس هايعملو إيه بقى.. كانو فاكرين انهم لما يريحو اللي حواليهم هما كمان هايرتاحو.
المهم راحو لكذا دكتور و كان طلبهم واحد بس.. ان لو حد فيهم عنده مشكله مايقولهمش.. يديهم علاج هما الاتنين و يتابعو مع بعض.. حتى التحاليل كانو بيعملوها هما الاتنين عشان مايعرفوش المشكلة عند مين..
ابتدو فعلا في العلاج من هنا.. و امه اټوفت من هنا.. طبعآ وقت العزا كل حاجة وقفت.. العلاج و المتابعة و كل حاجة..
ساعتها الراجل دة قال حتى لو ما خلفناش مايمكن ربنا عوضني عن الخلفة بيها هي عشان تكون أمي.. و يمكن ربنا ماداناش ولاد عشان تفضل هي امي انا بس.
امال اكملت بمزاح جميل او يمكن ما كانوش قدرو يحوشو تمن رحلة باريس من مصاريف العيال اللي بقت تقطم الوسط.
امين احتضنها بحب و اكتشفو ان ربنا يمكن منع عنهم الاولاد بس اداهم حاجات كتير اوي في المقابل.. فضلو عايشين 32 سنة مع بعض يتخانقو بس على نوع الفيلم اللي هايدخلوه في السينما.. ولا هانتغدى إيه النهاردة.. ولا حتى على حتى الشيكولاتة اللي متبقية من سهرة امبارح في باب التلاجة من امبارح.
ثم نظر لسارة فانتي ماتعرفيش قصد ربنا إيه.. اديكي مسافرة اهو.. يمكن تلاقي حب أكبر.. او حاجة تطلع اهم من الحب أصلا.
سارة تفتكرو
امال ان شاء الله.. انتي بس ارمي حمولك على الله و هو يدبرلك امورك.
سارة يا رب...
و تجمعوا معا في مجلس تحليلي لمحاولة للبحث عن اي نقطة بيضاء في كل ما حدث حتى يخففا عنها...
أما عاصم....
فقد وصل اخيرا مع أسرته إلى المطار ليجدوا كمال في انتظارهم.. ركض عاصم نحوه و خلفه البقية ليتقابلو مع أسرة جميل و هم على وشك المغادرة..
جميل إيه دة.. مش دة عاصم و اهله
آسر ايوة يا بابا فعلا..
سعاد و دول إيه اللي جابهم هنا دلوقتي..
آسر مش عارف يمكن جايين يستقبلو حد.
ليجدو عاصم يركض نحوهم و هو يسأل بلهفة و قلب ينبض پعنف و قلق...
عاصم سارة فين
آسر انت إيه اللي جابك هنا دلوقتي
عاصم مش وقته يا آسر الاسئلة دي.. سارة فين
جميل سافرت.
عاصم پصدمة إيه.. سافرت ازاي يعني
آسر بتصحيح دخلت ال boarding من شوية بس لسة فاضل على طيارتها حوالي ساعة.
سعاد اقتربت منه و أمسكت يده برجاء جاي ليه هاترجعهالي هاترجع لي بنتي
عاصم نظر لها بثقة و حب مش هاتسافر.. مش هاسيبها تسافر.. ثم نظر لصديقه كمال..
كمال سهلة دي.. تعالى معايا.
عاصم قبل يد سعاد مطمئنا ثم ركض خلف كمال خليكو هنا.. هاجيبها و ارجع.. هاجيب سارة و ارجع.
تركهم و ركض خلف صديقه يسبقه قلبه لها.. كاد ان يخرج من صدره و يذهب لها يحتضنها و يخبرها بكل ما يجيش به..
ادخله كمال إلى منطقة انتظار الركاب و بدأ البحث عنها راكضا بغير هدى.. تتجول عيناه پخوف و قلق و ترقب.. كاد ان يقتلع شعره و هو يشد عليه من يأسه أن يجدها في هذا