دوائي الضرير
المحتويات
حديث...
عبد الرحمن خابر يا عاصم اني ليه ماعاكولش لجمة ولا اشرب حتى بج ماية الا من يدك امك..
هز عاصم رأسه بطريقة تنم عن جهله بإجابة السؤال و بفضول لمعرفتها.. فأكمل عبد الرحمن...
عبد الرحمن كنت عيل ابن 5 ولا 6 سنين يوم ما امي الله يرحمها چات و جالتلي عروستك وصلت بالسلامة.. ساعتها ماكنتش فاهم جوي.. بس اول ما شوفتها فرحت..
فضلت اتفرچ عليها من بعيد و هي صغيرة.. استنتها كتير عشان تكبر و العب معاها.. لكن فرحتي بالأيام دي ماطولتش..
عشان بعد كام سنة كبرت و اتحرمت عليا اشوفها و العب معاها ولا حتى اتحدت معاها.. اتحرمت من ضحكتها الحلوة.. كلامها اللي ماكنش مرتب بس كان بيريحني و يفرحني..
تنهد بحنين لذكرى تلك الأيام و السنوات التي مرت بينهم و بين زوجته.. ثم أكمل...
عبد الرحمن كنت فاكر اني لما اچوزك لبت عمك انها هاتسعدك كيف ما امك عملت.. كنت فاكر ان لما الراچل يتچوز بت عمه ولا جريبته اللي متربيين مع بعض و عارفين اخلاج بعض انهم هايبجو سعدا.. بس كنت غلطان.
ولا كل الحريم زي هنية.
عبد الرحمن يمكن.. و يمكن حظك بجى ان مالكش بت عم غير عبير يمكن كان ساعتها الحال اتبدل.. ياللا اهو كل شيء نصيب و ربنا بعد كل دة
بعت لك نصيبك اللي يعوضك عن كل ده..
عاصم مش هاكدب عليك يابوي و اجولك اني مش خاېف.. لا خاېف.. خاېف انها ټندم ولا تتغير ولا تصحي من نومها في يوم تجول هو انا عقلي كان فين و انا بتچوز واحد زي عاصم..
خاېف لما اجربلها في يوم تقولي اطفي النور مش عشان هي مكسوفة لا عشان قرفانة مني.
عبد الرحمن انت مصدج نفسك يا عاصم.. مصدج ان سارة تعمل اكده.
هنا تفاجئا هما الاثنان بهدى تركض نحوهما و هي ټنهار من البكاء.. فوقفا معا لإستقبالها و كان اقربهما اليها هو عبد الرحمن الذي ارتمت في احضانه طلبا للأمان....
عبد الرحمن پخوف أبوي خالص مالك يا هدى.. مالك يابتي حصل إيه..
عاصم بلهفة اخ على اخته الوحيدة مالك يا هدي... بټعيطي ليه كدة.. في ايه..
صمت عاصم پصدمة.. هو يعلم انها غاضبة منه و لكن ألهذه للدرجة اصبحت تكرهه... هل ډمرت علاقته بشقيقته الوحيدة حقا.. لم يسعفه لسانه حتى يرد عليها و يطلب السماح منها..
تلقاها عبد الرحمن بين احضانه مرة أخرى و لكنه رفض ټعنيفها فحالتها لم تسمح له بذلك.. و لكنه ربت على ظهرها ليهدئها قليلا..
عبد الرحمن ليه بس يا هدي يابتي كل دة إيه اللي حصل لكل ده
هدى خلاص يا بابا خلاص.. ثم نظرت لعاصم الذي تصنم بلا ادنى حركة خلاص يا عاصم.. ريح نفسك مش انت كنت عايزها تبعد عنك.. اهي هاتبعد عنك خالص..
هاتبعد لدرجة انك مش هاتقدر تشوفها ولا تلمحها حتى.. الوحيدة اللي وقفت معايا في ازمتي بعد ما كل اصحابي و قرايبي بعدو عني.. هي كمان هاتبعد عني.. ارتاح يا عاصم..
عاصم پخوف يختلج قلبه قصدك إيه قصدك إيه يا هدى.. ريحيني كفاية اللي انا فيه.
عبد الرحمن متمزق القلب على نجليه فيه ايه يا هدى.. مالها سارة..
هدى هاتسافر.. هاتمشي خالص يا بابا... هاترجع أمريكا و مش ناوية ترجع تاني.
عبد الرحمن جبتي الحديت ده منين طيب!!
هدى آسر اللي قالي... قالي انها مسافرة أمريكا و حتى فرحنا مش هاتحضره.. راجعة أمريكا خلاص.
و اكملت بكاءها في حضڼ والدها..
عاصم پصدمة و دهشة امريكا ليه..
هدى إلفتت له پغضب عشان تريحك منها خالص.. عشان ماتشوفهاش تاني.. عشان ماتخافش منها ولا من حبها.. انا ماليش في الدنيا أصحاب غيرها يا عاصم.. و انا مش هاسامحك يا عاصم على اللي حصل.. مش هاسامحك.
ثم تركتهما ركضا إلى غرفتها تبكي صديقتها الوحيدة و فراقها.. أما هو فلم تحمله ساقيه و لكنه سقط على كرسيه مرة أخرى.. و جلس والده امامه صامتا إحتراما لصمته و ألمه لمدة وجيزة.. و لكنه تحدث و هو يسأله بشفقة..
عبد الرحمن هاتعمل إيه يا عاصم!!
عاصم بتيه اعمل إيه مش عارف اعمل ايه جول لي يابوي اعمل ايه
عبد الرحمن ماجدرش اجولك تعمل إيه.. بس هاسألك.. هاتسيبها تسافر هاتسيبها تبعد عنيك.. هاتقدر انت تعيش بعيد عنيها.. هاتجدر تكمل حياتك من غيرها
هاتتحمل فكرة انها ترچع من أمريكا متعلجة في دراع راچل عشان تعرفه على اهلها عشان يتچوزها..
هاتجدر يا عاصم
عاصم بعد تفكير دام لعدة ثوان لا.. لا يابوي ماهجدرش.. و لا مش هاسيبها.. مش هاسيبها تسافر و تسيبني.
ثم هب واقفا هاجيبها.. هارجعها هنا و هاتجوزها... مش هاسيبها تضيع من يدي تاني يابوي.. دة اني ماصدجت لجيتها.
و تركه و اتجه لغرفته ابدل ملابسه و اتجه إلى القاهرة بصحبة والديه و هدى التي رضيت عنه اخيرا بعد ان وعدها لأنه سيعيد صديقتها اليها..
الفصل الثامن و العشرون...
انطلق عاصم في طريق قاده قلبه الذي كان مسجونا طوال هذه المدة و أخيرا قد أطلق سراحه لينطلق خلف حبيبته.. إنطلق في سيارته بصحبة والديه و شقيقته التي كانت تتابع تحركات سارة عن طريق آسر عبر الهاتف.. فعلموا ان موعد إقلاع طائرتها المتهجة إلى الولايات المتحدة في تمام السابعة..
حسنا فليس أمامه سوى بضع ساعات قليلة و سوف ترحل.. لن يراها مرة أخرى.. لن يعتذر لها.. لن تسنح له فرصة التكفير عما بدر منه.. لن يعيش معها أحلامهما التي رسماها معا...
و لكنه أيضا يعلم بمدى صلابة رأسها و بمدى قوتها.. فهي لن تسمح له أن يراها او تسمح لنفسها هي ان تراه مرة أخرى إلا بعد أن تكون قد تخطت حبه و تخطته تماما.. يالك من غبي عنيد ايها العقل..
فلما لم تسمع للقلب من الاصل.. فها هي ترحل و سوف تترككما تتلظيان بنيران البعد.. فافعل ما بوسعك يا أدم حتى تعيد حواء إليك.
و في الطريق فتح عاصم هاتفه و أجرى إتصالا بأحد أصدقائه و الذي يعمل ضابط بمطار القاهرة.. و لكنه لم
يرد على الفور... فغلب الڠضب على عاصم الذي صړخ بهاتفه پغضب مما جعل والده يسأله بقلق...
عبد الرحمن مالك يا ولدي.. عاتتصل بمين دلوجيت..
هنية أكيد هي.. صح و ماعتردش طبعآ..
عاصم و هو بعيد الإتصال لا ياما.. مش هي.. عشان اني عارف اني حتى لو كلمتها 1000 مرة مش هاترد.
هدى بتهكم حقها.
عاصم عارف يا هدى انه حقها بس مش وقتك دلوقتي.. ها.. و خليكي محضر خير ماشي.
هدى و انا اتكلمت
عاصم انتي.. والله ما بيقلقني غيرك انتي و جنانك.. ربنا يستر.
عبد الرحمن يا ولدي ما تجول عاتحدت مين المهم دلوجتي
عاصم بكلم واحد صاحبي يابوي.. ظابط و يمكن يساعدني لو مالحقتهاش قبل ما تدخل الطيارة.
و ظل يحاول الاتصال دون رد.. و لكن بعد إتصالين تلقى إجابة اخيرا فإنفجر فيه عاصم بدون مقدمات...
عاصم بعصبية مفرطة نابعة من خوفه من ألا يلحق بها الو.. إيه يا كمال.. إيه يابني ساعة عشان ترد.
كمال يعني الناس تتصل تقول صباح الخير ولا مساء الخير ولا العواف حتى.. الا انت متصل تتخانق.
عاصم كمال مش وقت هزار دلوقتي.. اسمعني كويس.
كمال تأهب بإنتباه إيه يا عاصم.. مالك.. في ايه
عاصم انت لسة في المطار صح.. ولا اتنقلت حتى تانية.
كمال لا لسة فيه.. انت عايز حاجة من المطار ولا إيه.
عاصم ايوة عايز ادخل لحد طيارة أمريكا اللي هاتطلع الساعة سابعة.
كمال بنفي قاطع مستحيل طبعا.. لو مش من الركاب يبقى مستحيل تطلع الطيارة.
عاصم بعصبية كمال.. اتصرف انا لازم ادخل لحد الطيارة لو حكم الامر.
كمال طيب ما تفهمني في ايه عشان اقدر اتصرف صح.
عاصم من غير تفاصيل عشان مش وقته.. كل اللي اقدر اقولهولك في حد مسافر على الطيارة دي و انا لازم الحقه.. لازم.
كمال طيب طيب.. اول ما توصل كلمني و انا هابتدي اتصرف من دلوقتي.. سلام.
اغلق هاتفه و عاد لطريقه و إلى دواسة البنزين المسكينة التي أخذ يطحنها بقدمه...
أما عند سارة بالمنزل..
فقد خرجت مع ذويها من باب البناية و ركبوا جميعا سيارة آسر كي يرافقونها إلى المطار...
سارة والله يا جماعة بجد انا مش شايفة اي داعي انكو تيجو معايا لحد المطار..
سعاد بعتاب يعني إيه يعني.. مش كفاية مسافرة لوحدك و مش عايزة حد يسافر معاكي ولا حتى رضيتي اني اسافر معاكي لحد ما تستقري و اطمن عليكي..
سارة صدقيني يا ماما الحكاية مش مستاهلة.. انا كلمت الجامعة هناك و ظبط معاهم.. و كلمت مايك و ميج عشان يحجزولي اوضة في مدينة الجامعة و كل حاجة مترتبة.
سعاد و هو دة اللي غايظني.. انك مظبطة كل حاجة من ورانا.. يعني كأنك بتحطينا في امر واقع.. صح
سارة والله يا ماما ابدا.. بس كنت برتب اموري عشان ماخليكوش تقلقو عليا.. والله بس.
جميل خلاص يا سارة.. هانوصلك المطار و خلاص.. و خلص الكلام..
آسر خلاص يا سو بقى.. سيبينا براحتنا زي ما سيبناكي تسافري براحتك..
تنهدت بثقل و صمتت دون تعليق.. فهي سوف تفتقد اهلها كثيرا.. فهم عائلة مترابطة جدا يحبون بعضهم و لا يستطيع احدهم الاستغناء عن الآخر.. و لكن من الواضح ان القدر له كلمة أخرى...
أما عاصم فقد كان يقود السيارة بنفسه و رفض تماما ان يصطحب السائق معه.. لم يتعجب الباقين عندما بدأت رحلتهم و انتهت في غضون اربع ساعات بدلا من ست ساعات نظرا لسرعته الكبيرة و تهوره الشديد..
لم يستمع لرجاء والدته و هي تدعي ربها بأن يصلوا سالمين ولا لتحذيرات والده.. حتى ان هدى و التي اصبحت تخاف من السرعة الكبيرة بشدة بعد ذلك الحاډث الذي كاد أن يودي بحياتها و تركها قعيدة لمدة كبيرة لم تعلق بل كانت تدعم تهوره حتى يلحقون بسارة.
وصلت سارة
متابعة القراءة