رواية الدهاشنه بقلم ايه محمد رفعت

موقع أيام نيوز


المستشفى.. 
تطلعت تجاه الباب وهي تتساءل بلهفة 
_طب هي راحت فين
أجابها بهدوء 
_رجعت بيتها واحنا كمان رجعنا لبيتنا.. 
بكت باڼهيار وهي تردد بضعف 
_لا انا عايزاها جنبي انا عايزة امشي من هنا عايزة ارجع معاهم... انا مش عايزة اقعد هنا.. 
انتباها جنون وهي تحاول النهوض ولكن سرعان ما صړخت ألما لما تشعر به حاول أيان تهدئتها ولكنها لم تهدأ الا حينما اخترق محقن الممرضة يدها لتنغمس بنوم اجباري ولسانها مازال يردد باسم شقيقها ووالدتها.. 


عودة ماسة سالمة للسرايا كانت فرحة ازاحت حزن كان مازال بداخل كل فرد كان الجميع يزورها بغرفتها وبالاخص حور وتسنيم التي كونت صداقة لطيفة معها ولكن الغير مفهوم للجميع غياب فهد الذي برره سليم بأنه سافر للاقصر واسوان ليتابع أخر التطورات بنفسه ومر يوما واتبعه الأخر حتى اتقضى اسبوعين متتالين لم يعلم عنه أحدا شيئا كل ذلك وآسر ينتابه شكوك عظيمة.. 
اما بسرايا المغازية فكان الحال يعاكسهم تماما انطفئت شعلة فاتن وباتت تترقب سماع خبر مۏت ابنتها أما أيان فكان يعاني وهو يرى روجينا تكرهه أكثر من السابق وتمقت قربه منها حتى وإن كان هو من يساعدها على التنقل بالمقعد المتحرك.. 

هبطت رواية للاسفل فتعجبت حينما رأت حماتها تعد السفرة بذاتها فاسرعت اليها ثم التقطت عنها طبق الجبن وهي تخبرها بدهشة 
_بتعملي بنفسك يا ماما طيب كنتي ناديلي وأنا كنت نزلت اعملك اللي عايزاه.. 
جذبت منها الطبق ثم قالت بابتسامة مشرقة وهي تضعه على المائدة 
_لا محدش هيجهز فطور ضنايا غيري اتوحشني جوي. 
انكمشت تعابيرها وهي تتساءل بذهول
_مين! 
قالت وهي ترتب الفطير الذي احضره لها الخادم 
_فهد ولدي سليم رايح قالي انه رايح يجيبه.. 
توقف بها الزمان هنا عند تلك الطاولة التي شهدت تقاسمهم كل شيء الطعام والحب والحياة والروح كل شيء تقاسماه ولكنها تراه الآن غير منصف بحقها وحتى لم يهتم لما حدث مع ابنه وابنته واختار الهروب لعمله حتى هي طوال تلك المدة لم تفكر به مثل السابق فقد اتخذ ابنائها حيز كبير برأسها وما زاد الامر سعادة معرفتها بحمل تسنيم استدارت رواية للخروج للحديقة فتعلقت عينيها على من يقف أمامها بوجها منطفئ وعابث منحته نظرة حملت اللوم والعتاب قبل أن تمر من جواره لتتخطاه في سبيل الخروج توقفت حينما قال بحزن
_مش هتسلمي عليا! 
قالت دون ان تتطلع اليه 
_مفيش حاجة تربطني بيك من اللحظة اللي قطعت صيلتك ببنتك واتخليت عنها.. 
وتركته وغادرت تركت الخناجر تمزق أحشائه رغم وجعه السابق ومع ذلك ولج للداخل وجلس يتناول طعامه بصحبة والدته راسما لابتسامة باهتة ظلت على وجهه حتى صعد لغرفته وحينما كاد باغلاق بابها وجد ابنه يقف أمامه ليسد عليه بابه فولج ليغلقه هو من خلفه ثم تطلع له بنظرة مطولة صامتة فتساءل فهد باستغراب 
_مالك واقف مبلم اكده! 
كسر قاعدة صمته حينما قال بثبات 
_أنت غامض ومش مفهوم لكل اللي هنا الا أنا.. 
توترت نظراته تجاهه فاتجه للمرآة ثم ادعى انشغاله بخلع ملابسه وهو يردد 
_قصدك أيه 
لحقه آسر ثم قال 
_قصدي حضرتك فاهمه كويس بس اللي انا مش قادر افهمه ليه.. ليه تتفق مع الدكتور ان محدش يعرف انك انت اللي اتبرعتلها مع ان ده كان ممكن يحسن علاقتك مع ماما كتير! 
جحظت عينيه حينما انكشف امره فاستدار اليه وهو يتساءل پصدمة 
_انت جبت الكلام ده منين انا معملتش حاجة. 
ابتسم وهو يقول 
_بابا انا كنت حاسس بيك طول الوقت حاسس بوجعك وحزنك لما عرفت باللي حصلها ولما فوقت اتاكدت انك انت اللي اتبرعتلها مش انا.. 
تطلع له مطولا قبل ان يقول 
_مينفعش يا ولدي تعمل حاجة زي دي وابوك عايش اني راحت عليا خلاص لكن انت مستقبل الدهاشنة كله. 
اقترب آسر منه ثم قال بحزن 
_طيب ليه مقولتليش.. 
ابتسم وهو يجيبه.
_لاني خابرك زين عنيد ودماغك ناشفة زي ابوك مش هترضى اني اكون بدالك.. 
ثم رفع يديه امام وجه ابنه وهو يردد بقسۏة 
_بس ده ميمنعش العداوة والكره اللي في قلبي ليها قلبي لساته عضبان غليها وهيفضل اكده طول ماني عايش. 
اخفى آسر ابتسامته على والده الذي يشبه في ذلك الموقف الطفل الذي يقسم بانه لن يتحدث مع ابيه حينما يقترف ذنبا وحينما يتحدث اليه يخبره بانه لن يفعل ذلك مجددا فمازال حزينا... ترك كل تلك المخيلات من رأسه ثم قال 
_طيب ليه معرفتناش كلنا وبالاخص ماما خبر زي ده كان هيفرحها. 
رد عليه بصرامة 
_محدش عرف ولا هيعرف بالكلام ده لانك مش هتتكلم يا آسر اني مش عايز حد يفكر اني سامحتها غلطها كبير وميتغفرش.. 
كاد آسر بالحديث فاوقفه والده حينما قال 
_مدامك عارف باللي بيا اخرج بقى وخليني ارتاح شوية والحديث نكمله بعدين.. 
ضحك وهو يشير اليه قائلا 
_حاضر هخرج.. 
وكاد بالخروج ولكنه توقف وعاد ليقف مقابله ثم انحنى ليطبع قبلة ممتتنة على كف يد أبيه الذي مسح على رأسه بحب.. 

بمنزل مهران .. 
كان يجلس بالخارج ويترقب عودة خادمه المخلص فما أن عاد اليه حتى سأله باهتمام 
_ها طمني عملت ايه 
جلس على المقعد وهو يخبره بانفاس لاهثة 
_زي ما قولت بالظبط يا سيدي دخلت لاسر بنفسي وقولتله عمك مهران عايز يشوفك ضروري في التو والحال... 
لوي شفتيه بسخط 
_هيعمل زي كل مرة ومش هيجي.. 
قال الخادم بثقة 
_لا المرادي اكدت عليه وقال جي.. 
ظهرت ابتسامة شيطانية على وجهه ليهمس بمكر 
_خليه يجي وبعديها قپره وقبر ابوه هيتفتح عليهم.. 
تساءل الخادم بفضول 
_وانت هتستفاد من كل ده ايه يا سيدي.. 
رد عليه بابتسامة غرور 
_غبي وعمرك ما هتفهم حاجة بعد اللي اسر عمله عشان ينقذ اخته من المۏت الدنيا هديت بينه وبين ابن المغازي وده مش في صالحنا لكن اللي اني هعمله دلوقت هينهي نسلهم خالص.. 
وقبل أن يطرح سؤالا اخر أتى أحد الخدم ليبشره بوصول آسر الدهشان بالخارج فنهض ليكن باستقباله بنفسه حينما قال بابتسامة واسعة 
_يا الف مرحب بابن الغالي.. 
جلس آسر على احد المقاعد ثم قال بفتور 
_بقالك كام يوم طالب تشوفني خير في أيه! 
أتاه رده الخبيث يرفرف 
_كل خير يا ولدي انت عارف ان جدك الله يرحمه كان كيف شقيقي اللي مجبتوش أمي.. 
انتبابه الملل فقال 
_عارف يا عمي فمن فضلك خش في الموضوع على طول عشان صدقني مش فاضي.. 
كظم غيظة ورسم تلك الابتسامة التي تخفي كرها مخيف ثم قال وهو ينهض عن مقعده ليدنو منه 
_زي مانت عارف يا ولدي البلد دي مبيستخباش عنها حاجة واللي حصل في فرح اختك الناس كلتها بتتكلم عنيه لحد اللحظة دي.. 
احتدت عينيه ليتبعها نبرة صارمة 
_محدش يجرأ يجيب سيرتنا في حاجة واللي بيتكلم يوريني نفسه وأنا اقطعله لسانه. 
جلس جواره وهو يخبره بكلمات تتلوى كالافعى 
_لو مقلوش قدامك هيقولوا من وراك عشان اكده لازمن يبقى في رادع ورد قوي للمغازية على اللي عملوه عشان محدش منيهم يفكر يتعدى على حريمنا.. 
امتلأ رأسه بالشكوك فآسر ذكي ولماح للغاية لذا قال بحدة 
_اوعى يكون لك يد في اللي حصل لبنتهم! 
اتسعت ابتسامته الشيطانية فغمز بعينيه لاحد رجاله الذي غاب عنه للدقائق ليعود بفتاة مقيد فمها ويدها ثم القاها أسفل قدم آسر صعق آسر مما يراه فوزع نظراته بين تلك المسكينة وبينه فنهض مهران عن مقعده ليجذبها من شعرها وهو يقول 
_أنت اللي هتعمل كده يا
 

تم نسخ الرابط