رواية لمن القرار بقلم سهام صادق

موقع أيام نيوز


العشاء 
 مش مراتك برضوه مش بطقني إيه اللي حصل.. أوعى تكون رانيا تعبانه ولا حاجة يا حازم 
ضحك حازم هو الأخر فهو مثله لم يصدق دعوة زوجته له ولو عرف صديقه سبب الدعوة لأنفجر ضاحكا 
 بلاش أصدمك وأقولك أنها عايزه تقرب بينك وبين زينب بنت عمها 
وقد تبدل مزاجه بعد تلك المزحة.. رانيا تجلب له عروس ياله من رجل محظوظ 

وضعت كل طاقتها في ذلك العمل ولكن التعب كان يتلاشى وهي ترى نظرات البسطاء إليها وهي تمد لهم يداها بتلك المساهمات التي من حينا لأخر تمنحها لهم الجمعية.. الناس حولها كانوا سعداء وسعادتها هي أيضا كانت لا توصف 
جاء وقت راحتهم فتعلقت عيناها بزملائها في الجمعية
الكل يضحك ويتثامر.. فلما هي منزوية دائما عنهم..
أقتربت منهم وقد تشجعت ولم يكونوا إلا كما توقعت أشخاص سهل المعشر وجوههم تنطق بما تحمله قلوبهم
ولم يكن الحال مع مها هكذا بل كان كما ترسم له ناهد.. مها تنظر للفساتين التي تقدمها لها البائعة وناهد تقف جوارها تنتقي معها فستانها.. وأخيرا أنتهت مهمة الثوب وجاءت مهمة تصفيف الشعر والعناية بالبشرة.. والوقت لم يعد به متسع أمامهم
فها هي تقف أمام مرآتها تنظر لما ترتديه بسعادة وناهد تمدحها 
 قمر يا حببتي ما شاء الله 
عانقت مها والدتها تسمعها بعض الكلمات الجميلة فضمتها ناهد إليها.. أبتعدت ناهد عنها حتى تذهب لغرفتها لتتأنق هي الأخرى ولكن أوقفها صوت مها 
 هي ملك هتتأخر يا ماما.. مش المفروض نتصل بيها عشان تلحق تلبس وتستعد
لم تتفوه ناهد بشيء فهى تقف صامتة تبحث عن إجابة مقنعة لأبنتها.. التقطت مها هاتفها حتى تهاتفها ولكن ناهد كانت أسرع منها فالتقطت الهاتف منها تخبرها 
 أنا كلمتها من شوية وقالتلي لسا في الجمعية عندهم حاجات مهمة النهارده وهي هتحاول تستأذن وتيجي 
أقتنعت مها بكلامها فتعلقت عينين ناهد بها وهي تعود لمرآتها تتأمل حالها بابتسامة واسعة
استيقظت تلتقط أنفاسها تنظر حولها.. الغرفة كانت غارقة في الظلام إلا من ذلك الضوء الذي يأتي عبر الشرفة 
إنسابت دموعها وهي تتذكر عيناه وقربه منها.. إنه كاد أن ينهش جسدها بل في كابوسها كان بالفعل ينهشه وهي تصرخ لينقذها أحدا 
حاولت النهوض من على الفراش ولكنها عادت بكامل جسدها تسقط عليه مجدداتعالت شهقاتها تسأل حالها أين سيكون خلاصها فهى لم تعد تحتمل.. حتى السيد سليم أصبحت صورته تهتز أمام عينيها.. إنها أصبحت تخشي الرجال وتكرههم. 
.
جثا على ركبتيه يحتضن الصغيرة أبنة صديقه يداعب وجنتيها والطفلة التي هي صعبت المعشر مع الناس كانت معه طفلة وديعة هادئة
 أنت بتعمل أيه اللي لبنتي.. مش معقول أنت الوحيد اللي بتسكت معاه
ضحك سليم وهو يحمل الصغيرة وقد أحضر لها الكثير من الألعاب
 والله يا أستاذ حازم إحنا نسأل أنسه تولين وهي تجاوب
وداعب الصغيرة برقة على وجنتيها المنتفخة
 تولين بتحبي بابي أكتر ولا عمو سليم
هللت الصغيرة بيديها تنظر إليهم لا تستوعب شىء
 تولين جاوبي على بابي يلا ومتخليش الأخ ده يشمت فيا
والصغيرة أعطته الإجابة التي لم يكن ينتظرها
 سليم.. سليم!
سليم الذي وقف يضحك يضم الصغيرة إليه بحنان.. أنقلبت ملامح حازم للعبوس قليلا ولكن سرعان ما تلاشي عبوسه ينظر نحو صديقه بحب
 اللي يشوف حبك ليها ميشوفكش كل اما أقولك اتجوز وهاتلك حته عيل.. تقولي مبحبش زن العيال ولا الستات 
 حازم هي رانيا موصياك النهارده ولا أيه
التف حازم حوله حتى يطمئن قبل أن تدلف إليهم بعدما سمع صوتها المرحب بأبنة عمها 
 بصراحة اه
 بتضحكوا على إيه.. سليم نورتنا بجد بقالك كتير مش بتزورنا 
وتعلقت عيناها بأبنة عمها التي تقف خلفها مرتبكة
 قربي يا زينب.. أعرفك سليم صديق حازم..الدكتورة زينب بنت عمي صيدلانية 
 أتشرفت بيك يادكتورة 
اكتفت زينب بتحيته بإيماءة خفيفة.. تخفض عيناها نحو الأرض 
ساد المكان الصمت.. فغمزت هي لزوجها حتى يتحرك من مكانه ويترك لهم مساحة للحديث 
 حازم ممكن تيجي تساعدني في تحضير السفرة 
ونظرت نحو أبنتها حتى تحملها عنه ولكن الصغيرة تشبثت بعنقه
 سبيها يارانيا معايا.. 
طالع صديقه وهو يتبع زوجته.. ثم عاد ينظر لتلك التي ظلت واقفة بمكانها
 أتفضلي يا دكتورة أقعدي..ولا هتفضلي واقفة كده باصة على الأرض 
والطبيبة الخجولة أخيرا رفعت عيناها نحوه ترمقه بنظرات حانقة ودت لو قټلته 
جلست على الأريكة تهز ساقيها وهو كان غارق في دغدغة الصغيرة واللعب معها 
 تعرف إني مبحبش مهنة المحاماة
رفع عيناه نحوها فأبنة عم رانيا فماذا سينتظر.. هو يحترم زوجة صديقة كامرأة مخلصة ووفية لبيتها وزوجها 
 ليه يا دكتورة.. ما يمكن وجهة نظرك غلط عنهم 
 لا لا.. لا يمكن 
رفع شفتيه مستنكرا لثوان 
 أنت متجوزتش ليه لحد دلوقتي.. أنا سمعت من رانيا إنك معدي التلاتين وراجل غني يعني مش محتاج حاجة 
 قلة عقل بقى يادكتورة.. 
 الاكل جاهز يا جماعة 
نهض على الفور عندما أستمع لصوت حازم فاقترب ينظر له بنظرة قد فهمها 
 لا عشا إية أنت عارفني مبتعشاش ياحازم.. أنا جيت بس أشوف تولين 
أعطاه الطفله التي أخذت تتثاءب على كتفه.. وأخيرا قد أستطاع الهروب تخلص من جده عظيم ليأتي إليه حازم هو الأخر عن أي عروس يبحثون وهو في قائمة زيجاته السابقة العديد من النساء 
العشاء قد أنتهي وناهد تنظر نحو كاميليا تسألها بعينيها أين هو رسلان.. أرتبكت كاميليا من نظرات شقيقتها تنظر من حينا لأخر نحو هاتفها.. رسلان لا يجيب عليها ولا يجيب على شقيقته 
طالعتها بتوتر تبحث عن إجابة أخرى تخبرها بها.. رنين الجرس كان كالنجدة بالنسبة لها تدعو داخلها أن يكون هو 
استرخت ملامح كاميليا مقتربة منه وقد ارتسمت على شفتيه إبتسامة واسعة يحمل علبة من الشيكولاتة الفاخرة وباقة من الأزهار 
 حبيبي نورت البيت.. كده تتأخر علينا.. أه أكلنا من غيرك 
 خلينا ندخل عند الرجاله والبنات يا ناهد ولا هنفضل واقفين هنا 
طالعت ناهد شقيقتها وقد فهمت الأمر.. فلما الأنتظار أكثر من هذا
اقترب هو من عبدالله يصافحه وتعلقت عيناه بوالده الذي طمئنه من نظراته 
بحث بعينيه عنها فأين هي فقد تعمد التأخير كما أخبرته شقيقته 
 قدمي العصير والجاتوة لرسلان يا مها 
 لا لا ابعدوني أنا عن السكريات.. ممكن قهوة 
رمقت ناهد أبنتها بنظرة قد فهمتها 
 قهوة سادة مش كده.. ثواني وأكون عملتها ليك 
أنصرفت مها بتأنقها الملفت للغاية ولكنه لم يكن يراه 
 ده أنت عزيز أوي على مها يا رسلان داخله تعملك القهوة بنفسها 
هتفت ناهد بها تنظر لشقيقتها التي أكملت عنها 
 حببتي طالعه زي القمر النهاردة
وأردفت تنظر نحو زوجها حتى يهم بالحديث 
 عزالدين اتكلم ياحبيبي ولا القعدة الحلوة هتنسينا إحنا هنا ليه 
اعتدل عزالدين في جلسته ينظر نحو أبنه.. فأين هي العروس حتى يتحدث 
تعلقت عينين ميادة بشقيقها بتوتر.. وقد جف حلقها 
 عزالدين أتكلم ولا اتكلم أنا طيب ولا رسلان يتكلم
استرخت ملامح عزالدين وقد تعلقت عيناه كما تعلقت عينين أبنه بتلك التي أقتربت نحوهم بخطوات بطيئة تنظر إليهم ثم إلى شقيقتها التي تقترب بفنجان القهوة
الصورة كانت واضحة بل بأتم وضوح لها.. هيئة مها وتلك الأزهار التي يحملها رسلان.. الهواء انسحب من رئتيها وقد ازدادت ملامحها شحوبا..
 عبدالله أنا يشرفني أطلب أيد.. 
اتسعت ابتسامة مها كما اتسعت ابتسامة ناهد وكاميليا.. ومع اقتراب خطواتها منهم وقد علقت الدموع بعينيها إنها النهاية وهي تعلم.. وقف وعيناه عليها ولكنه لم
 

تم نسخ الرابط