رواية انا لنفسى وبك بقلم منى احمد حافظ

موقع أيام نيوز

عقيقة لمحمد دعو لحضورها الجميع.
ساعد الجميع باعداد الوليمة ووقفت دعاء إلى جوار الفتيات تساعد تلك وهذه ومع اقتراب الليل كان الأجهاد نال من الجميع فوقفت دعاء بإحدى النوافذ المطلة على الساحة تتابع أجواء الاحتفال بسعادة ليجذب انتباهها شيء ما لتنظر إلى الجهة اليسرى من التجمع فرأت فارس مثلم الوجه اخفى ملامحه خلف وشاح عربي معتليا صهوة فرس ذهبي اللون امعنت النظر لتضيق عينيها فهي تكاد تجزم أن عينا الفارس المثلم تحدق بها فازدردت لعابها وأعتدلت وتراجعت پخوف خشية أن يلحظ أحدهم وقفتها ونظرات الفارس لها لتصطدم بصدر والدها الذي راقبها منذ بعض الوقت فارتبكت وغزاها إحساس بالخجل ولكن سرعان ما تحول خجلها إلى دهشة حين جذبها والدها وعاد بها إلى النافذة ووقف إلى جوارها وقال دون أن ينظر إليها
.. معروض عليا أرجع أعيش فالبلد هنا واربي الفرس الدهبي دا ها إيه رآيك يا دعاء تفتكري لو وافقت عمي عبد العليم ورجعت البلد حياتك هتتأثر
انصتت باهتمام وهي تحدق بوجه والدها لتعود ببصرها تنظر لجه الفارس وهو يراقص فرسه على أنغام المزمار ولم تدر لما غمرها الأرتياح فاستندت برأسها إلى كتف والدها وقالت
.. أنا حياتي عمرها ما هتتأثر بالمكان اللي هعيش فيه يا

بابا لسبب بسيط إني حاليا دكتورة وممكن التكليف بتاعي يجي فأي مكان وعليا إني أتأقلم عليه مهما كانت جهته أو ظروفه وبعدين هو حضرتك ناسي إني بروح كتير أماكن نائية علشان أساعد بأعمال الجمعية وبعدين يا بابا يكفي إن حضرتك منعت نفسك كتير عن المجي للبلد بسببي وأتحملت تتحرم من هواها علشان تفضل جانبي.
أحس بالراحة لكلماتها فحاوط كتفها بذراعه وهو يبتسم لتتسع ابتسامته فجأة وتلمع عيناه ويقول
.. مسألتيش يعني مين صاحب الفرس الدهبي اللي هرعاه مع الفرس اللي أشتراه عمي عبد العليم.
رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت
.. وياترى يا بابا مين صاحب الحصان الروعة دا
لم تنتبه دعاء في خضم حديثها مع والدها بأن صوت المزمار خفت لتأتيها الأجابة من خلفها بصوته الأجش يقول
.. أنا ..
التفتت لتحدق بوجهه فتلاشت ابتسامتها وتغضن جبينها وهي تبادل النظر بين والدها وبينه وقبل أن تبتعد أوقفها والدها قائلا
.. بهي عايز يتكلم معاك يا دعاء وهو أستأذن مني ومن عمي عبد العليم وإحنا وافقنا فياريت يا بنتي تديله الفرصة وتسمعيه.
مرت الذكرى سريعا أمامها فأغمضت دعاء عينيها لتخفي ألمها عنه ولم تدرك بأنها تبكي إلا حين سمعت صوتها الحزين يقول
.. لو سمحت أنا معنديش أي أستعداد إني أسمعك ولا حتى أشوفك.
ألقت بقولها بوجهه وأستدارت إلى والدها وقالت بوجه متجهم
ياريت بعد كده حضرتك تعفيني من الموقف دا يا بابا لإني مش متقبلة وجوده ولو حقيقي الأستاذ هيبقى له شغل مع حضرتك فأنا مش هقدر أقولك متشتغلش ولا تستقر فبلدك لكن أنا كمان مقدرش أقعد فمكان البني آدم دا موجود فيه علشان كده بعد إذن حضرتك لو تسمح لي أرجع مع أخواتي.
آلمته دموعها ورفضها رؤيتها له فزفر بيأس وأدرك بأن انتظاره لها كل تلك السنوات كان بلا جدوى ولكنه ليس بالنادم فهي تستحق بأن ينتظرها عمرا فوق عمره ولكنه لن يرتضي أبدا بأن يجبرها على تقبله فخفض بهي رأسه وقال بصوت مكلوم
.. معقول مش طايقة حتى تبصي فوشي وأنت بتكلميني عموما أنا أسف لتطفلي عليك وأوعدك إني مش هضايقك تاني عن إذنكم.
استدار بهي وخطى باتجاه الباب الرئيسي وغادر وهو يهمهم بأعتذاره لوالدها فتابعته رغما عنها وهي تشعر بشيء ما يؤلم قلبها غير ذلك الحزن القديم ليأتيها صوت والدها يلومها بهدوء
.. ليه يا دعاء اتصرفتي كده معقول دا تصرف الدكتورة دعاء اللي لو جالها مين بالذي وهو محتاج لمساعدتها هتساعده مكنتش متخيل إنك مش بتسامحي بسهولة يا بنتي.
لم تقو على البقاء ولا التحدث فأستأذنت لتصعد إلى غرفتها وما أن ولجت إليها حتى شعرت بالحاجة إلى قراءة رسائل دعمه إليها فمدت يدها المرتعشة والتقطت هاتفها من فوق تلك الطاولة الصغيرة وفتحته تبحث عن رسالته إليها التي تتسلمها بمثل هذا الوقت وللمرة الأولى منذ بدأ يراسها بانتظام لم تجد أي رسالة منه فعقدت حاجبيها وشعرت بأنها تفتقده كثيرا لتنتبه لانجراف أفكارها فنهرت نفسها بقوة وألقت هاتفها فوق فراشها وأتجهت سريعا نحو مرحاضها تتوضأ لتشرع دعاء في صلاتها وسجدت طويلا تدعو الله بأن يهون عليها ما تشعر به من فقد وأن يرشدها إلى الصواب.
غفت دعاء دون أن تدرك فوق سجادتها ليوقظها صوت آذان الفجر فأعتدلت وهي تتحسس عنقها واستندت إلى المقعد القريب منها ووقفت تتثائب وزفرت لتطرد إحساسها بالنعاس وما أن وقعت عينيها على هاتفها حتى ألتقطته وبحثت عن إشعارا برسالة منه لتغزوها خيبة الأمل فاستغفرت الله بصوت عال وما أن صدح صوت الآذان الثان حتى توجهت للوضوء وعقلها يبحث عن سبب لتوقفه المفاجيء عن مراستلها ولم تتمكن من النوم مرة أخرى فانشغلت بقراءة رسائله القديمة لتبتهج فجأة حين أتاها إشعار باستلامها رسالة منه فأسرعت وضغطت لتقرأها لتتجهم ملامحها حين طالعتها حروف قاتمة تشكل كلمات مظلمة كالليل تقول
.. تلك رسالتي الأخيرة إليك فقد أنقضت رحلتي معك ووصلت إلى نهايتها نعم تلك هي النهاية لكل ما تمنيته بأن يكون بيننا ولم يكن ولم يعد بيدي فعل أي شيء لك بعد الآن فأنت اليوم لم تعودي بحاجة لي مرة أخرى لذا سأتجرأ وأطلب عفوك لتطفلي طوال تلك الأعوام الماضية عليك دون مراعاة مني لحياتك ولكن

قبل أن أختم كلماتي وأرحل أسمحي لي بأن أخبرك بأخر أعتراف فأنا يسكنني حبي لك والذي سيبقى بداخلي ولن يبارح صدري لمماتي فوداعا يا حبيبتي وسامحي حماقتي.
.. لا لا إنتظر إلى أين ستذهب وتتركني بمفردي أرجوك أبق معي وأعلن عن وجودك وطالب بي لعلك تفوز في النهاية ويكون لقائنا هو القدر الباقي بيننا أرجوك أبق فأنا لازلت أحتاج لك.
ودت لو تصيح بصرخاتها تعلن عما يجيش بصدرها الذي بدأ يضيق بأنفاسها بعدما صدمها بحظره لها فسارعت بفتح شرفتها تنتهل الهواء وكأنها حرمت منه هو الأخر وتعالت شهقاتها لتتوقف فجأة وعيناها تحدق بعينا بهي الذي وقف يحدق بها من خلف سور المنزل بحزن تجمدت بمكانها وعيناها ټصارع عيناه فلم تتمكن من نزعها بعيدا عنه وما أن ولاها ظهره ليخطو مبتعدا حتى صړخ عقلها يرفض تصديق تلك الفكرة المستحيلة التي لاحت كضوء مبهر غشاها ولم تع دعاء بأنها غادرت غرفتها وهبطت سريعا للأسفل وركضت للخارج وما أن وصلت إلى باب المنزل الرئيسي حتى تتوقفت وبدت وكأن قوى خفية تمنعها عن الحركة ليبدأ عقلها بالعودة إلى رشده فأستعاد سيطرته مرة أخرى وتهدلت كتفيها والتفتت لتعود وهي منكسة الرأس تشعر بالخزي لتصرفها فهي كانت على وشك اللحاق به وإلحاق الأڈى بأسرتها أنهمرت دموعها وغشت بصرها ليكفكفها عنها والدها فارتمت بين ذراعيه تنتحب وتعتذر ليربت فوق ظهرها بحنو ويسألها
.. ما روحتيش وراه ليه يا دعاء ليه متمسكتيش بيه وسبتيه يمشي
شهقت بفزع وتراجعت للخلف وهي تحدق بوالدها
تم نسخ الرابط