رواية انا لنفسى وبك بقلم منى احمد حافظ

موقع أيام نيوز

إلى غرفته ليصل إليه صوت والدته تقول
.. قومي يا مايا في واحدة جت بتقول أنها معاك فالمدرسة وجيبالك الدروس اللي فاتت و...
فركت مايا عينيها واعتدلت وما أن وقع بصرها على الأوراق حتى صاحت
.. والله البت دعاء دي جدعة ومافيش زيها.
امتعضت ملامح نادية وأشاحت بوجهها وأردفت
.. إلا قوليلي يا مايا هو أنت من قلة البنات رايحة تصاحبي السود كمان.
زمت مايا شفتيها وأجابتها باستنكار
.. دعاء مش سودا يا ماما دي سمرا وعلى فكرة سمرها هو اللي محليها وبعدين دي مش غريبة دي زميلتي من ابتدائي لو تفتكري البنت اللي كنت حكيت لك عنها زمان اللي المحافظة كرمتها علشان أخدت إجازة فحفظ القرآن وتلاوته هي دي دعاء القبيصي.
لم تعبأ نادية بقول ابنتها وغادرت غرفتها في حين اتسعت ابتسامة مصطفى ما أن سمع قول شقيقته عن دعاء وجلس إلى مكتبه يفكر بسمرائه التي اختطفته من نفسه بتلك السرعة.
بينما لامت دعاء نفسها طوال طريق عودتها إلى منزلها لذهابها إلى مايا لتفاجأ بوالدها يعترض طريقها أمام باب منزلهم فتجمدت خطواتها وحدقت بملامحه الغاضبة پذعر وحين افسح والدها لها تجاوزته دعاء بقلب يرجف ولم تكد دعاء تخطو للأعلى حتى قبض والدها على ساعدها بقوة وأردف بحدة
.. ممكن أعرف كنت فين وإزاي أساسا تخرجي من البيت من غير إذني
حاولت دعاء تمالك خۏفها وازدردت لعابها وهي تفكر بأن أقصر الطرق للنجاة هو الصدق فزفرت مستجمعة شجاعتها وأجابته
.. روحت لواحدة زميلتي فالمدرسة فبيتها أديها الدروس اللي فاتتها علشان هي تعبانة وفي أمتحان الأسبوع الجاي ويادوب سلمت الورق لوالدتها من على الباب من غير ما أدخل ورجعت على طول حتى اسأل ماما أنا ماخدتش خمس دقايق على بعض.
رفع قبيصي حاجبه وهو يمعن النظر إليها ليترك ساعدها وهو يشير بإصبعه نحوها ويردف بلهجة حادة
.. يعني عصيتي أمري وبتكلمي بنات من ورايا يا دعاء لأ والست والدتك بتسمح لك تخرجي من البيت من ورايا ومن غير إذني ولا كأن ليك كبير يتاخد رأيه عموما دي أخر مرة تروحي لحد ولا تكلمي حد علشان أنا منبه عليك وقايلك صحوبية وبنات وأروح وأجي مش عاوز وصدقيني يا دعاء لو شميت خبر بس أنك بتكلمي حد من زميلاتك ولا مصاحبة حد هقعدك من المدرسة ومش كده وبس لأ دا أنا هسفرك البلد وأجوزك لأي حد فاهمة.
شحب وجه دعاء ولمعت عيناها بالدموع خوفا من تنفيذ والدها لتهديده فأومأت برأسها پخوف وأجابته
.. آخر مرة يا بابا وصدقني مش هقف حتى جنب أي واحدة بس بالله عليك بلاش تقعدني من المدرسة ولا تسفرني البلد.
أشار قبيصي إليها لتكمل صعودها إلى مسكنهم وتبعها وما أن ولجت حتى هرولت باتجاه غرفتها ليوقفها صوت والدها الحاد بقوله
.. على فكرة عمك وهدان جاي النهاردة ومعاه

ولاده فابقي خدي بالك من لبسك وحجابك ومتخرجيش من أوضتك إلا للضرورة وبس وأعملي حسابك أنهم هيقعدوا معانا يومين علشان عمك جاي يعمل فحوصات في المستشفى.
هزت دعاء رأسها بتفهم وولجت غرفتها وهي تضع يدها فوق قلبها تحاول تهدئة ضرباته لتتذكر والدتها وڠضب والدها لسماحها لها بالخروج دون إذنه ف همت بمغادرة غرفتها مجددا ولكنها لزمت مكانها خوفا من أن ينهرها والدها إن رآها بالخارج مرة أخرى واتجهت إلى مكتبها ولكنها لم تتمكن من التركيز على متابعة دروسها بعدما طاردتها الأفكار ما بين ټهديد والدها ونظرات مصطفى شقيق مايا نحوها فألتقطت دون وعي إحدى الأوراق وأخذت تدون فوقها بعشوائية لتنتبه دعاء لتدوينها اسمه عدة مرات فزفرت بقوة وزجرت عقلها لجنوح افكاره وأردفت
.. وبعدين بقى أنا أيه اللي بعمله فنفسي دا وليه بفكر فيه وأنا أول مرة أشوفه وبعدين يا دعاء أعقلي وبلاش جنان أنت عارفة اللي فيها.
استغفرت دعاء وهي تمزق الورقة وأردفت بخشوع
.. يارب أبعده عن تفكيري وقويني على نفسي.
وفي اليوم التالي تفاجأت دعاء بعودة مايا إلى المدرسة فتناست تحذير والدها ورحبت بها وقبل أن تبتعد عنها أوقفتها مايا وتلفتت حولها ومالت صوب أذن دعاء وهمست
.. الهرابة اللي ملقتهاش مستنياني الصبح زي كل يوم علشان نروح المدرسة سوا على فكرة أنا عايزة أقولك إن مصطفى أخويا طول اليوم امبارح بيسألني عنك عايز يعرف كل حاجة اسمك ومن عيلة مين وليك اصحاب غيري ولا لأ ويا ترى بتكلمي حد وبتحبي أيه ومش بتحبي أيه وكل شويه يقول لي بس دعاء شكلها مؤدب وهادي.
صعقټ دعاء لقول مايا واشټعل وجهها حرجا وتسارعت نبضات قلبها فابتسمت مايا وعقبت قائلة
.. تخيلي أنه راهني إن وشك هيحمر زي ما أنت كده لما قلت له إني هقلك أنه بيسأل عليك دا بينه طلع نمس وفاهم و...
ازداد حرج دعاء وفركت كفيها وحاولت التهرب ولاحظت مايا حال صديقتها فضمتها إليها واعتذرت منها فابتعدت دعاء وقد تبدلت ملامحها وتجهم وجهها واعتراها الخۏف لتذكرها والدها وتحذيره فخفضت رأسها وقالت بحزن
.. مايا أنا آسفة بجد بس أنا مش هعرف أخبي عنك ولا أكذب عليك لإني بعزك وبعتبرك أختي مش صحبتي بس بابا امبارح لما عرف إني نزلت من غير إذنه وكسرت كلامه وهددني إنه هيقعدني من المدرسة لو كررتها تاني وحذرني أكلمك أو أكلم أي بنت تانية وأنا مش عايزاك تزعلي مني لو يعني بطلت أروح معاك أو أمشي علشان هو ممكن جدا يراقبني ويشوفني هنفذ كلامه ولا لأ دا حتى خلى عمر أخويا الكبير يوصلني الصبح ونبه عليا استناه علشان يروحني أما بالنسبة لموضوع أخوك فأنا عايزاك تعتذري له لو كنت عطيت انطباع غلط وصدقيني أنا ملحقتش حتى أتكلم معاه أو أبص له وكنت حريصة علشان أنا فاهمة إن الحاجات دي عيب وحرام وو...
تلاشت ابتسامة مايا وسيطرت عليها مشاعر مختلطة من الڠضب بسبب تعصب والد دعاء ليتلاشى ڠضبها ما أن لمحت دموع دعاء فأحاطتها بذراعيها ومدت يدها وكفكفت دموعها وأردفت بجدية
.. متزعليش نفسك ولو على موضوع المرواح سوا والكلام برا المدرسة فأنا هبقى حريصة إن محدش يشوفنا بنتكلم ويا ستي يكفيني إننا صحاب جوا المدرسة أما موضوع مصطفى فأسمحي لي أقولك إن أخويا شخصية محترمة جدا وجد يعني اعجابه اللي لاحظته عليه ناحيتك مش تسلية ولعلمك أنا لا هعتذر له ولا حاجة أنا هسيب الموضوع للأيام وياعالم يا دعاء لما نخلص المدرسة يحصل إيه.
غمزت مايا لصديقتها وأضافت
.. وبعدين مش يمكن الصحوبية بينا تتحول لنسب وقرابة أقولك متشتغليش دماغك وبطلي عياط أنت لا هتخسريني ولا حاجة علشان أنا ماصدقت إني لقيتك من تاني.
احتضنتها دعاء بقوة فهي لأول مرة تجد من يهون عليها أحزانها ويواسيها وبعد انتهاء اليوم الدراسي غادرت دعاء بعدما ودعت مايا بالداخل ووجدت شقيقها عمر يقف بانتظارها فاتجهت صوبه وسط نظرات الإستهجان من بعض زميلاتها لتسمع إحدى الفتيات تقول
.. شوفتوا دعاء اللي عاملة نفسها قطة مغمضة ماشية مع واحد إنما أيه مز قوي.
أجابتها أخرى معقبه وعيناها تتابع دعاء
.. بس دي جريئة قوي يعني الصبح جاية معاه ودلوقتي واقف مستنيها.
صفعت الكلمات
تم نسخ الرابط